مع تواصل احتدام المعارك في جنوب أوكرانيا وشرقها، يُتوقع أن تتسارع عمليات إيصال الأسلحة الأميركية إلى كييف بعدما فعّل الرئيس الأميركي جو بايدن آلية رمزية يعود تاريخها للحرب العالمية الثانية، معتبراً في الوقت نفسه أن نظيره الروسي فلاديمير بوتين "قد لا يكون لديه في الوقت الحالي أي مخرج من الأزمة في أوكرانيا".

لكن مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية أفريل هينز قالت في شهادة أمس إن تقديرات الاستخبارات الأميركية تفيد بأن بوتين لا يعتزم التوقف عند منطقة دونباس، وأنها ترى تصاعدا غير متوقع للمعارك في الشهور القليلة المقبلة.

Ad

واضافت هينز أن انتصار بوتين في دونباس لن ينهي الحرب، وأن بوتين سمح باستخدام السلاح النووي، لكن فقط في حال وجود خطر وجودي على روسيا.

وأكدت هينز أن بوتين عازم على إقامة جسر برّي إلى منطقة ترانسنيستريا المولدافية الانفصالية. وأضافت أمام مجلس الشيوخ أن "بوتين يرى، على الأرجح، أن لدى روسيا إمكانات ورغبة في مواجهة التحديات تتجاوز تلك التي يتمتع بها خصومه، ويعوّل على الأرجح على تراجع تصميم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مع تدهور الأوضاع فيما يتعلّق بنقص الغذاء والتضخم وأسعار الطاقة".

بيربوك وهويكسترا

من جهة أخرى، وصلت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك ونظيرها الهولندي فوبكه هويكسترا، أمس، الى كييف في زيارة غير معلنة، التقيا خلالها نظيرهما الأوكراني دميترو كوليبا والرئيس زيلينسكي.

وفي مستهل الزيارة، اطلعت بيربوك على الوضع في ضاحية بوتشا، حيث تم العثور على أكثر من 400 جثة بعد انسحاب القوات الروسية منها.

وأعربت بيربوك، التي كان يحميها أفراد أمن مدججون بالسلاح وترتدي سترة واقية من الرصاص، عن صدمتها من الجرائم وعن انبهارها "بشجاعة الأوكرانيين في محاربة العدوان الروسي".

وقالت: "أنتم بلد شجاع للغاية، وكل ما يمكننا فعله هو الوقوف بجانبكم".

وأعلنت إعادة فتح السفارة الألمانية في كييف، مشدّدة من ناحية أخرى على تأييد بلادها لحصول أوكرانيا على عضوية الاتحاد الأوروبي الكاملة.

بدوره، بدأ هويكسترا زيارته في إربين، إحدى ضواحي كييف وتقع على مقربة من بوتشا. وتعد هذه أول زيارة يقوم بها وزير ألماني وهولندي لأوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي.

وتأتي زيارة الوزيرين للعاصمة الأوكرانية، مع إعلان رئيس بلدية كييف فيتالي كليتشكو، أن نحو ثلثي سكان العاصمة، التي كان يقطنها 3.5 ملايين شخص، عادوا بعد نزوح جماعي في أعقاب الغزو الروسي.

كوليبا

وفي تعليقه على تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن عملية انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي قد تستغرق سنوات أو حتى عقودا، قال وزير الخارجية الأوكراني، في حديث لصحيفة "فاينناشل تايمز"، أمس: "قبل 3 أشهر لم يكن لدى أوكرانيا أي أمل حتى في العضوية. والآن هم يناقشون كم من الوقت ستستغرق".

وأضاف كوليبا: "إذا لم تحصل أوكرانيا على وضع مرشح لعضوية الاتحاد الأوروبي، فإن هذا يعني أن أوروبا تحاول خداعنا"، مشددا على أن كييف لن تتسامح مع ذلك.

في غضون ذلك، بدأ وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف زيارة رسمية للجزائر، التقى خلالها نظيره الجزائري رمطان لعمامرة وبحث معه الأزمتين الأوكرانية والليبية، والوضع في الشرق الأوسط، ومستجدات أسواق الطاقة، كما التقى لاحقاً الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون.

وأشار لافروف، الى أن "روسيا والجزائر تنويان توقيع اتفاقية تعكس النوعية الجديدة للعلاقات الثنائية بين الدولتين".

وفي وقتٍ سابق، أعلنت المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية أن مناورات مشتركة لمكافحة الإرهاب للقوات البرية الروسية والجزائرية ستجري في سبتمبر من هذا العام في الجزائر.

وبعد نحو 11 أسبوعا من بدء الحرب، تحوّلت مبانٍ في أوديسا، الميناء الرئيسي على البحر الأسود لتصدير المنتجات الزراعية، إلى أنقاض بعد يوم من قصف القوات الروسية لميناء أوكرانيا الجنوبي بـ 7 صواريخ على مركز تجاري ومستودع أسفر عن مقتل شخص وإصابة 5 آخرين.

وبينما تحرز القوات الروسية تقدما بطيئا، لكنه ثابت في منطقتي دونيتسك ولوغانسك في الأيام الأخيرة، حيث استولت مجموعة مرتزقة "فاغنر" على معظم بلدة بوباسنا الاستراتيجية واقتربت قوات أخرى من عاصمة الجزء الأوكراني من المنطقة، سيفيرودونيتسك، فإنها عانت انتكاسات كبيرة في خاركيف إلى الشمال، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا.

ففي هجوم مضاد، واصلت القوات الأوكرانية التقدّم شمال وشمال شرقي خاركيف، بعد طرد القوات الروسية من البلدات الرئيسية في المنطقة المجاورة لها مباشرة.

وفي الوقت نفسه، هاجمت القوات الأوكرانية جناح نظيرتها الروسية التي تتقدم نحو دونباس، وضربت غرب مدينة إيزيوم.

كما تواصل أوكرانيا حملتها لحرمان الروس من استخدام "جزيرة الثعبان" الاستراتيجية جنوب غربي ميناء أوديسا المطل على البحر الأسود.

في المقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أنّ "قوات لوغانسك" الانفصالية تتقدم إلى الحدود الإدارية لجمهورية لوغانسك، بعد اختراق خط دفاع القوات المسلحة الأوكرانية.

ويستمر القتال من دون هوادة مع تجديد القوات الروسية مسعاها، لهزيمة آخر الأوكرانيين الصامدين في مصنع "آزوفستال" للصلب في مدينة ماريوبول المدمرة، إذ تعهدت القوات المحاصَرة في المصنع بـ "القتال حتى آخر رصاصة".

في هذا السياق، أعلنت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني ايرينا فيريشتشوك، أنّ أكثر من ألف جندي أوكراني منهم مئات الجرحى الذين يعانون إصابات بالغة، لا يزالون داخل "آزوفستال".

الى ذلك، أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى اتصالا هاتفيا، أمس، مع نظيره الصيني شي جينبينغ، وبحثا الوضع في أوكرانيا وأزمة الغذاء العالمية الناتجة عن الحرب. وقال "الإليزيه" إن "الرئيسين أكدا التزامهما باحترام وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها".