يمثل بنك بوبيان قصة نجاح مميزة تمثل الصعود بثبات واحتلال مركز مميز في قطاع البنوك والصيرفة الإسلامية على المستويين الإقليمي والعالمي، لاسيما بمجال الخدمات الرقمية، مما دفع جامعة ستانفورد العريقة Stanford Graduate School Of Business لدعوة نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة بنك بوبيان عادل الماجد ليحاضر أمام طلبة ماجستير إدارة الأعمال، ليكون بذلك أحد أبرز القياديين الذين حلوا ضيوفاً في السابق على الجامعة من رؤساء تنفيذيين لشركات كبيرة من بينها Ford, Johnson&Johnson, Lyft, AT&T

وجاءت محاضرة الماجد في الفصل الدراسي System leadership استكمالاً للدراسة التي قامت بإعدادها خريجة ماجستير إدارة الأعمال الكويتية ليلى الجاسم تحت إشراف المحاضر روب سيقل، الذي يتولى مع جفري إيليت (الذي ترأس مدة 16 عاماً شركة جنرال إليكتريك) الإشراف على الفصل الدراسي الذي شارك فيه الماجد ويعتبر من أشهر الفصول الدراسية لطلبة الماجستير في جامعة ستانفورد التي تعتبر المصنفة الأولى على مستوى دراسات ماجستير إدارة الأعمال في الولايات المتحدة.

Ad

رحلة الانطلاق 2009

واستعرض الماجد خلال المحاضرة رحلة الانطلاق في إعادة بناء البنك عام 2009 مع توليه منصب الرئيس التنفيذي للبنك محملاً بخبرات طويلة قضاها في بنك الكويت الوطني ليبدأ في تشكيل فريقه الذي ضم مجموعة مميزة من القياديين الذين شغلوا لسنوات مناصب عدة في القطاع المصرفي الكويت.

وقال الماجد: "خلال سنوات معدودة نجحنا في تحقيق نمو ثنائي الرقم في كل سنة على مستوى العديد من المؤشرات المالية المهمة وبحلول 2020 حاز بنك بوبيان ثاني أكبر عدد للعملاء الكويتيين وتطور من أصغر بنك في الكويت ليصبح ثالث البنوك الكويتية وأصبح قوة كبيرة تنافس في القطاع المصرفي الكويتي".

وعن هذه الإنجازات أفاد:"الآن وبعد 12 عاماً من مرحلة التغيير لبوبيان أصبحنا مجموعة تضم ثلاثة بنوك هي بوبيان ولندن والشرق الأوسط والبنك الرقمي Nomo bank وشركتان للتأمين التكافلي والاستثمار وشركة للخدمات.

وأضاف" لم يكن الوصول إلى ماوصلنا إليه في عام 2021 تحديداً سهلاً لكن يمكن تلخيص سر نجاحنا في مجموعة نقاط أبرزها وضع استراتيجية واضحة وتكوين فريق تنفيذي من أصحاب الخبرات والعودة لأساسيات العمل المصرفي والتركيز على خدمة العملاء والاستثمار في الخدمات المصرفية الرقمية والاستثمار في الموارد البشرية والتركيز على العنصر الوطني.

الأزمة العالمية

تاريخياً أسس بنك بوبيان عام 2004 وبدأ ممارسة أنشطته فعلياً العام التالي وسط ارتفاع حدة المنافسة وقتها ثم جاءت الأزمة المالية العالمية في 2008 لتلقي بظلالها على مختلف القطاعات الاقتصادية في الكويت لاسيما القطاعين المصرفي والمالي.

وتابع أنه بحلول عام 2009، استحوذ بنك الكويت الوطني على حصة مؤثرة في بنك بوبيان- استمر بعد ذلك في زيادة نسب ملكيته لتصل حالياً إلى 60 في المئة تقريباً – ومع هذا التغيير جاء الماجد إلى بوبيان محملاً بخبرات تصل إلى حوالي 30 عاماً.

وعن هذه الخطوة أوضح أنه "عندما سنحت لي الفرصة للانضمام إلى بنك بوبيان قلت الآن أنا رقم 3 أو 4 على مستوى قيادات بنك الكويت الوطني ومن المحتمل أن يستمر الأمر كذلك، لذا يجب أن أقبل التحدي وأن أذهب إلى بنك بوبيان لأحصل على فرصة لأخوض تجربة وقصة نجاح خاصة، وقررت وقتها أن أفعل الأشياء على نحوٍ مختلف وأن أرسي ثقافة العمل بروح الفريق في ظل قناعاتي بفرص النمو الهائلة للصيرفة الإسلامية".

وأردف: "في أغسطس 2009، ترك الماجد منصبه في بنك الكويت الوطني ليتولى منصب الرئيس التنفيذي لبنك بوبيان وخلال 30 دقيقة من قرار تعيينه في منصبه الجديد، زار الماجد المقر الرئيسي لـ"بوبيان" ولاحظ عند دخوله وجود جهاز البصمة لإثبات حضور الموظفين فطلب إزالته لعدم الحاجة إليه، مبيناً أنه يقيّم الموظفين بناءً على أدائهم في إشارة تؤذن بثقافة جديدة في مكان العمل.

وأثناء دخوله إلى المقر الرئيسي لاحظ لوحة مكتوب عليها "مصعد خاص بالرئيس التنفيذي" وخلال دقائق طلب أن يتاح المصعد لاستخدام الجميع ومن خلال تأمل أول قرارين له، شرح الماجد أسلوب إدارته "أن يكون من السهل الوصول إليه مع بناء الثقة ووجوب المساءلة".

ومنذ البداية وضع الماجد رؤيته لوجود بنك بوبيان على صعيد الخدمات المصرفية للأفراد والتي يلخصها بقوله "نظرت إلى المنافسين الرئيسيين في قطاع الصيرفة الإسلامية في الكويت ووصلت إلى حقيقة أنهم يعتمدون على هويتهم الإسلامية بينما لديهم مشكلات في خدمة العملاء، لذا رأيت أننا لو قدمنا خدمة متميزة ومنحنا العملاء كل ما يحصلون عليه من البنوك التقليدية (منتجات وخدمات وخبرات) وأضفنا إليها الصبغة الإسلامية، فربما نصبح البنك المفضل لهم".

تكوين فريق العمل

واستمرت التغييرات في إدارة البنك، إذ عمل الماجد على تكوين فريق عمله لينضم إليه لاحقاً عدد من المسؤولين التنفيذيين ممن عملوا معه سابقاً على رأسهم عبدالله التويجري نائباً للرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية للأفراد وعبدالسلام الصالح نائباً للرئيس التنفيذي للخدمات المصرفية للشركات.

واستعرض الماجد أبرز الخطوات التي تم اتخاذها "عند وضع تقديرات البنوك، تتبع بعض البنوك أسلوباً أقل تحفظاً لكن أكثر خطواتنا شجاعة كانت تجنيب 234 مليون دولار كمخصصات بما تجاوز 3 أضعاف ما تم تجنيبه في العام السابق لذلك العام، وفي يناير 2010 كان البنك يتمتع بوضعية سليمة من حيث الميزانية العمومية إذ كنا نعاني بعض المشكلات على صعيد الخدمات والمنتجات والنظم لكن الميزانية العمومية أصبحت أفضل وامتلكنا فريق إدارة جديداً قادراً على الانطلاق مجدداً.

وحسب دراسة أولية للبنك في ذلك الوقت فقد تم تقدير نسبة الكويتيين الليبراليين بحوالي ما بين 10 - 15 في المئة وهؤلاء يتجنبون لحد ما البنوك الإسلامية بينما هناك نسبة مماثلة تتعامل فقط مع البنوك الإسلامية، أما النسبة المتبقية وهي المتحفظة لحد ما فهم على استعداد للتعامل مع البنوك الإسلامية بكل تأكيد ولكن ليس على حساب الخدمات والمنتجات والابتكار.

التوسع في الفروع والخدمات

وكانت دراسة خريجة ماجستير إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد ليلى الجاسم أفادت بأن بنك بوبيان كانت لديه فقط 10 فروع في 2009 وقتها اتخذ الماجد قراراً بالتوسع في انتشار البنك ملخصاً ذلك بقوله "خلال الاعوام الماضية صرح منافسونا بأن "المستقبل للخدمات الرقمية" وأنا أوافق على ذلك لكنني لن أنتظر أن يتغير العملاء ، فبينما قام العديد من البنوك بغلق فروع، كنا نقوم بافتتاح فروع جديدة.

وتنقل الدراسة عن الماجد: "لقد اكتشفنا أن لدينا فريق تكنولوجيا معلومات قوي لذلك قدمنا لهم حوافز وفرغناهم من بعض المهام الروتينية في أعمالهم، كما أتحت لهم كامل الحرية في تطوير المنتجات وهذا أمر غير معتاد في الخدمات المصرفية التقليدية".

وتشير جميع مؤشرات البنك الرئيسية إلى نتائج الجهود التي قام بها الماجد وفريقه حيث ظهرت بشكلٍ سريع في نهاية 2010، وبعد أقل من عامين على التحول، ارتفعت محفظة تمويل البنك بنسبة 73 في المئة من 1.6 مليار دولار في 2008 إلى 2.7 مليار في 2010.

وخلال هذه الفترة (2010 إلى 2021) أصبحت محفظة تمويل الأفراد التي مثلت نسبة متواضعة من محفظة التمويل في 2008، تمثل 42 في المئة من محفظة التمويل حيث بلغت 7.9 مليارات دولار في 2021 (زيادة بـ 3أضعاف على مدار 7 سنوات بمعدل سنوي مركب 17 في المئة) بينما زادت تمويلات الشركات عن الضعف خلال الفترة من 2008 إلى 2021 لتصل إلى 10.8 مليارات دولار.

وتغيرت تركيبة محفظة التمويل أيضاً حيث أصبحت المؤسسات المالية (باستثناء البنوك) تمثل ما يقل عن 4 في المئة من إجمالي المحفظة في 2015 نزولاً من 46 في المئة في 2008.

وفي عام 2010، حقق البنك صافي ربح بلغ 20 مليون دولار على الرغم من تحقيق صافي خسارة تبلغ 171 مليون دولار في العام السابق وخلال الفترة من 2010 إلى 2021، ارتفع صافي ربح البنك بمعدل سنوي مركب يبلغ 21 في المئة ليصل إلى 106 ملايين دولار في 2021.

كما بلغت أصول البنك 24 مليار دولار في 2021 ارتفاعاً من 4.4 مليارات دولار في 2010 بمعدل سنوي مركب بلغ 17 في المئة كما استقرت القروض غير المنتظمة عند 1 في المئة من إجمالي القروض منخفضة القيمة في 2021، ومن حيث الحصة السوقية، فقد وجد البنك ضالته في الشباب الكويتيين، ففي 2021، بلغ عدد الشباب الكويتيين بين عملاء البنك 50 في المئة.

وجنى البنك ثمار التركيز على الخدمة إذ حصل بشكلٍ مستمر على أعلى مستويات رضا العملاء في الكويت وحصل على جائزة أفضل بنك إسلامي في خدمة العملاء من سيرفس هيرو على مدار 12 عاماً.

مركز الإبداع الرقمي

بعد إدراك نجاح البنك في استقطاب جيل الألفية المولع بكل ما هو رقمي، ركز بوبيان على التكنولوجيا كنقطة يمكن أن تكسبه ميزة تنافسية وفي 2015 قرر فريق العمل إضافة الصبغة المؤسسية على هذه الميزة عبر إطلاق مركز بوبيان للإبداع الرقمي.

ويشرح الماجد ذلك بقوله "استغرقنا 18 شهراً للانتقال من نموذج تكنولوجيا المعلومات التي تقدم جميع الخدمات إلى إنشاء وحدتي أعمال منفصلتين بحيث يشرف فريق تكنولوجيا المعلومات على المكونات التقنية والأجهزة بينما يعمل مركز الابتكار الرقمي كمصنع رقمي مع فرق تهتم بمختلف المنصات.

ورأى أن سرعة نمو البنك وقوة علامته التجارية ساعدت الموظفين بأريحية على التعجيل بعملية التحول واصفاً ذلك بأنه كما لو كنت تقوم بتغيير إطارات السيارة أثناء القيادة وأنه كان لزاماً عليهم الاستمرار في الحركة.

وعلى مدار السنوات السبع الأخيرة احتفظ البنك بلقب أفضل بنك إسلامي على مستوى العالم في مجال الخدمات المصرفية الرقمية وهي الجائزة التي حصل عليها من مؤسسة "غلوبل فاينانس" العالمية نتيجة الإنجازات التي حققها في هذا المجال.

وارتكزت المؤسسة لمنحها البنك هذه الجائزة إلى مجموعة من المعايير أهمها مدى قوة الاستراتيجية التى يضعها البنك لجذب وخدمة العملاء الراغبين في الحصول على خدمات مصرفية الرقمية وتحفيز وترغيب العملاء في التحول إلى استخدام الخدمات المصرفية الرقمية.

إلى جانب نمو قاعدة العملاء الذين يستخدمون الخدمات المصرفية الرقمية بكل قنواتها سواء عبر الإنترنت أو الهواتف الذكية مع الإبداع والابتكار في تقديم خدمات مصرفية وغير مصرفية مميزة عبر القنوات الرقمية.

التوسع الخارجي وNomo Bank

وخلال المحاضرة تطرق الماجد لرحلة بوبيان وخطواته التوسعية الخارجية من خلال استحواذه على بنك لندن والشرق الأوسط الذي يمتلك فيه حالياً 71 في المئة من الأسهم، ثم جاء إعلان بنك بوبيان انطلاق أعمال علامته التجارية الجديدة Nomo Bank بالكامل في الكويت والمملكة المتحدة كأول بنك رقمي إسلامي عالمي من لندن لديه القدرة على تقديم خدماته للجميع سواء من عملاء بوبيان أو غيرهم.

وقال إن البنك "يطمح أن يُصبح البنك الإسلامي المفضل لعملاء دول مجلس التعاون الخليجي في المملكة المتحدة حيث تم وضع مجموعة من المبادئ الرئيسية ضمن استراتيجية التحوّل الخاصة بالبنك بعد الاستحواذ من بينها بناء علامة تجارية مستدامة تركز على العملاء ومنسجمة مع مجموعة بنك بوبيان.

وذكر من المبادئ أيضاً الاستفادة من الأعمال القائمة للمجموعة إضافة إلى التكنولوجيا والأصول وشبكة التوزيع الخاصة بالمجموعة و التحرر من قيود رأس المال وقيود السيولة من خلال تركيز النمو على الأعمال ذات الكفاءة الرأسمالية وطرح منتجات وخدمات الأعمال التي تلبي احتياجات السوق بالنسبة للعملاء في دول مجلس التعاون الخليجي مع تطوير منصة تكنولوجيا قادرة على مواكبة المستقبل بحيث تلبي الاحتياجات الحالية والمستقبلية.

وحول تجربة Nomo Bank أفاد بأن "تجربة البنك الحديث المصرفية التي تعتمد على الخدمات الرقمية بشكلٍ أساسي تتيح للمستخدمين تقديم طلب لفتح حساب بنكي في المملكة المتحدة في غضون دقائق باستخدام الهواتف الذكية وهو ما يمنحهم تجربة مصرفية مميزة وفريدة من نوعها على مستوى الكويت والعالم".

وماذا بعد؟
لم يخف الماجد بعض آرائه بخصوص المستقبل والممزوجة ببعض المخاوف بقوله «أخشى أن يبقى الوضع دون تغيير فنحن في طريقنا لنصبح البنك صاحب أكبر حصة سوقية من العملاء الكويتيين خلال بضع سنوات إلا إن السؤال الذي نطرحه الآن هو: ماذا بعد؟ وكيف سنقوم بالمحافظة على هذا النمو لبنكنا في ظل ارتفاع حدة المنافسة ؟».

وعلى الرغم من سهولة الاستراتيجيات نظرياً فإن الماجد وفريقه كانوا يعلمون أن الكلام أسهل من الأفعال، ويعلق على ذلك بقوله «إن وضع الاستراتيجية هو الجزء السهل إلا إن التحدي يكمن في وضع الأشخاص المناسبين في المكان السليم وتنفيذ الاستراتيجية بشكلٍ منضبط».

وكانت المحاضرة شهدت تفاعلاً كبيراً من الطلاب المشاركين بالحضور حيث هدفت اسئلتهم إلى التعرف أكثر على بنك بوبيان كقصة ناجحة في عالم الخدمات المصرفية الرقمية والعرف أكثر على القطاع المصرفي الكويتي والخليجي بصفة عامة بناء على قراءتهم للدراسة التي قامت بإعداها ليلى الجاسم.

واختتم الماجد محاضرته بتوجيه الشكر إلى إدارة الجامعة والمحاضرين روب سيقل وجيفري إيليت على إتاحة الفرصة له لاطلاع طلاب الماجستير على تجربة بوبيان والتحولات التي شهدها وجعلته واحداً من أبرز البنوك الإسلامية على مستوى العالم.