يخوض «حزب الله» وحليفه «التيار الوطني الحرّ» الانتخابات التشريعية اللبنانية المقررة الأحد المقبل كأنها معركة للحفاظ على الوجود والبقاء. المواقف التي أطلقها الأمين العام للحزب حسن نصرالله، ومنها وصفه الانتخابات بأنها «حرب تموز سياسية»، من شأنها رفع سقف التحدي إلى أقصى الحدود.
يدخل «حزب الله» وحليفه بكل ثقلهما في المعركة، ويركزان اهتمامهما على كيفية الاستفادة من البيئة السنية وسط التشتت القائم فيها ودعوات «تيار المستقبل» إلى المقاطعة. وأصبح ثابتاً بالأرقام والوقائع أنه في حال قاطع السنّة الانتخابات، وانخفضت نسبة تصويتهم، فسيصب ذلك في مصلحة الحزب وزعيم «التيار الوطني» جبران باسيل حصراً. والمشكلة أن النتائج التي ستنجم عن المقاطعة ستكون آثارها بعيدة المدى، ولن تقتصر على توازنات المجلس النيابي المقبل. ويعتبر الحزب أن هناك فرصة جدية للاستثمار في عزوف «المستقبل» وانخفاض نسبة التصويت السنّي في دائرة بيروت الثانية، التي تشهد حالة تشتت سنّي بسبب كثرة اللوائح وانعدام مقومات وحدة الصف. يرتكز «حزب الله» في هذه الدائرة على تحالفات مع أطراف مسيحية ودرزية ومع جمعية المشاريع الخيرية «الأحباش» السنية، التي يرتبط معها بتحالف تاريخي استراتيجي احتفظ من خلاله بصوت وكلمة داخل بيروت. كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري أول من تنبه لهذا السيناريو منذ أكثر من عشرين عاماً. وحالياً يتم التداول في الأوساط البيروتية لتسجيل صوتي عائد للرئيس الحريري في انتخابات عام 2000 يحثّ فيه السنّة على ضرورة المشاركة الكثيفة، لأن عدم القيام بذلك سيدفع بالشيعة والدروز والمسيحيين إلى اختيار ممثلي بيروت التي تشكل رمزاً سنياً.حالياً يتم التداول بشكل كثيف بهذا التسجيل الصوتي لحث أهل بيروت على التصويت، خصوصاً أنها تعتبر «أم المعارك» لرمزيتها وأهميتها، لاسيما أن «حزب الله» يسعى إلى الفوز بأكثرية المقاعد النيابية فيها، فهو يريد الحصول على مقعدين شيعيين وتوفير مقعد مسيحي لـ «التيار الوطني» والفوز بمقعد أرثوذكسي أيضاً، فيما حلفاؤه «الأحباش» يسعون للحصول على نائبين سنيين، وبذلك يكون للحزب وحلفائه 6 نواب من أصل 11. وستؤدي المقاطعة إلى تخفيض الحواصل الانتخابية، مما يمكّن الحزب من فرض ما يريده.في عام 2018 قاربت نسبة الاقتراع في بيروت الثانية الـ 28 بالمئة، وهي نسبة متدنية، لكن كان هناك الكثير من أهل العاصمة اللبنانية الذين رفضوا المشاركة احتجاجاً على التسوية الرئاسية بين «المستقبل» ورئيس الجمهورية ميشال عون. حالياً هناك استنفار عالٍ لدى السنّة يجري تحفيزه من جهات متعددة أبرزها دار الفتوى ورئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، ولا بد من ترجمته في صناديق الاقتراع، خصوصاً أن الوضع السياسي ينذر بمواجهة سياسية لا بحقبة تسويات.وفي حال تمكن «حزب الله» من الفوز ببيروت الثانية فسيكرس دور الأحباش السياسي في المرحلة المقبلة، وسيكون لذلك ترجمة في لعبة السلطة، سواء من خلال منحهم مواقع وزارية، أو حتى رئاسة الحكومة.
أخبار الأولى
انتخابات لبنان: بيروت «أم المعارك»
11-05-2022