نشرت السلطات في سريلانكا، التي تشهد أسوأ أزمة اقتصادية منذ استقلالها عن المملكة المتحدة عام 1948، المزيد من العربات المدرعة والقوات في شوارع العاصمة كولومبو، أمس، وتلقّت الشرطة أمرا بإطلاق رصاص حيّ، لمنع «الفلتان» ولاحتواء وضع «قد يتحوّل إلى فوضى تامة»، بعد عنف أسفر عن مصرع 8 أشخاص منذ الاثنين.

وبينما نفت وزارة الدفاع تكهنات المعارضة بتوجّه البلاد نحو حكم عسكري، حضّ الرئيس غوتابايا راجاباكسا، مواطنيه على نبذ «محاولات تخريب لدفعهم نحو تنافر عرقي وديني».

Ad

ودعا راجاباكسا مواطنيه إلى «توحيد صفوفهم من أجل تجاوز التحديات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية». وأضاف: «أحضّ جميع السريلانكيين على رفض المحاولات التخريبية لدفعهم نحو تنافر عرقي وديني، وتعزيز الاعتدال والتسامح والتعايش أمر بالغ الأهمية».

وثمّة تاريخ طويل من الاضطرابات العرقية في سريلانكا، حيث يشكّل السنهاليون البوذيون النسبة الأكبر من سكانها، (22 مليون نسمة)، في مقابل أقليات مسلمة وهندوسية ومسيحية.

وشوهدت شاحنات مصفحة تضمّ جنوداً، متّجهة إلى مناطق في كولومبو. وأظهرت تسجيلات مصوّرة، طوابير من شاحنات عسكرية تخرج من العاصمة، مع جنود يركبون دراجات نارية وينصبون نقاط تفتيش في كل أنحاء البلاد، في ظلّ مخاوف من أن يمهّد الفراغ السياسي لانقلاب عسكري.

يأتي ذلك بعدما أمرت السلطات عناصر الأمن بـ «إطلاق النار فوراً»، لمنع وقوع مزيد من الاضطرابات.

وقال مسؤول أمني بارز: «لم تعد مسألة غضب عفوي، بل عنف منظم. إن لم تتم السيطرة على الوضع، فقد يتحوّل إلى فوضى عارمة»، ولفت إلى أن قوة في الشرطة تضمّ 85 ألف عنصر، تلقّت «طلباً بتبنّي نهج هجومي»، واستخدام الذخيرة الحيّة ضد مثيري الشغب.

من ناحيته، نفى سكرتير وزارة الدفاع، كمال غوناراتني، تكهّنات بحكم عسكري في سريلانكا. وقال في مؤتمر صحافي عقده مع قادة الجيش والبحرية: «ليس لدى أيّ من ضباطنا رغبة في تولّي الحكومة. لم يحدث ذلك في بلدنا سابقاً، وفعله هنا ليس سهلاً. الرئيس راجاباكسا هو ضابط بارز سابق في الجيش، ولا يزال وزير الدفاع الرسمي للبلاد».

وشدد غوناراتني على أن الجيش سيعود إلى ثكناته فور استعادة الوضع الأمني طبيعته.

في المقابل، أعلن حزب الشعوب المتحد، أبرز أحزاب المعارضة، أنه لن يكون طرفاً في أيّ حكومة، مادام راجاباكسا ما زال رئيساً.

وقال زعيم الحزب ساجيث بريماداسا: «يتم التحريض على العنف تحت غطاء العصابات الغاضبة، لتأسيس حكم عسكري. يجب فرض حكم القانون من خلال الدستور، لا المسدسات. حان الوقت لتمكين المواطنين، لا إضعافهم»، لكنّه عاد وأكد أن الحزب على استعداد لشغل منصب رئيس الوزراء مؤقتاً، وفقاً لشروط محدّدة، لحين إجراء انتخابات برلمانية لإنهاء الجمود السياسي والعنف المستمر.

أزمة اقتصادية طاحنة

وتشهد سريلانكا أسوأ أزمة اقتصادية، منذ استقلالها عن المملكة المتحدة عام 1948. ويطالب متظاهرون سلميون، منذ أسابيع، باستقالة الرئيس راجاباكسا، إذ يعانون منذ أشهر، نقصاً حاداً في الأغذية والوقود والأدوية وانقطاعاً في التيار الكهربائي. واستقال رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا، الشقيق الأكبر للرئيس، الاثنين، بعد ساعات من هجوم شنّه أنصاره على متظاهرين يعتصمون أمام مكتب الرئيس في كولومبو.

ونجح الجيش في تهريب ماهيندا من مقرّ إقامته، الذي حاصره حشد غاضب، ونُقل إلى حوض سفن تابع لسلاح البحرية. لكن غوتابايا راجاباكسا لا يزال في منصبه، ويتمتع بصلاحيات واسعة ويتولّى قيادة قوات الأمن.

وفي السياق، حذّر حاكم البنك المركزي، ناندالال وييراسينغي، من أن اقتصاد البلاد «سينهار إلى حد لا يمكن إصلاحه» ما لم تُشكل حكومة جديدة في غضون يومين لإعادة إرساء الاستقرار السياسي، مهدداً بالاستقالة إذا فشل الساسة في استعادة الاستقرار.