«أزمة دجلة»: بغداد تعدّ شكوى دولية... وطهران تشترط إحياء اتفاقيتها مع صدام
يتداول العراقيون هذه الأيام مشاهد نادرة من مقطع فيديو، انتشرت على نطاق واسع، وأظهرت فتى يعبر نهر دجلة في بغداد مشياً على الأقدام، بعد أن خسرت البلاد 50 في المئة من مناسيب المياه مقارنة بالصيف الماضي؛ بسبب موسم جفاف يضرب العراق ومنابع دجلة والفرات في كل من تركيا وإيران.وتقول بغداد، إن تركيا وافقت على تقاسم الضرر مع العراق عبر مباحثات فنية متواصلة، لكن وزير الموارد المائية العراقي مهدي رشيد الحمداني، قال للصحافيين، إن طهران ترفض تقاسم الضرر، وقطعت ستة روافد كبرى كانت تغذي نهر دجلة منذ آلاف السنين.كما ترفض طهران عقد مباحثات حول المياه، وتشترط حسب الوزير العراقي، أن تعيد بغداد العمل رسمياً باتفاقية الجزائر، التي وقعها صدام حسين مع شاه إيران عام 1975، ثم ألغاها بعد نشوب الحرب بين البلدين.
وكشف الحمداني في وقت سابق، أن ثلاثة وزراء عراقيين أمضوا ساعة ونصف الساعة في جدال شديد مع الإيرانيين في سبتمبر الماضي، ضمن وفد حكومي رفيع، لإقناع طهران بخطأ تفسيرها للاتفاقية التي أبرمها صدام حسين مع محمد رضا شاه. ولفت إلى أنه سواء أعيد العمل بالاتفاقية أم لا، «لا يمكن لإيران بأي اعتبار إقليمي أو دولي، أن تحوّل مجرى الأنهار التي ترفد دجلة على طوال الحدود، الممتدة أكثر من 1200 كيلومتر».وأوضح أن «طهران حولت مجرى الأنهار داخل أراضيها وحرمت مجتمعات عراقية كاملة من الحصول على المياه»، مؤكداً أنّ «العراق يمر بشح في المياه للموسم الثالث على التوالي، ولذلك الشح تداعيات، منها انخفاض مناسيب المخزون المائي، خصوصاً مع عدم تكون أمطار في حوضي دجلة والفرات». ومع جفاف دجلة، إلى جانب نضوب بحيرتي حمرين وساوة، وانحسار المياه الجوفية، وهو حدث نادر جداً، يزداد توجه العراق نحو إقامة دعوى دولية ضد إيران.الخبير البارز في وزارة الموارد المائية عون ذياب، قال لـ»الجريدة»، إن الوزارة استكملت كل الجوانب الفنية التي تتطلبها إقامة دعوى ضد إيران في المحاكم الدولية وسلمتها إلى مجلس الوزراء، مشيراً إلى أن الملف حالياً بيد وزارة الخارجية ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي.وأضاف ذياب، أن لدى وزارته بيانات متكاملة حول معدلات تساقط الثلوج والأمطار في حوضي دجلة والفرات، وهناك رصد متواصل ودقيق عبر الأقمار الصناعية، مشيراً إلى أن تلك البيانات «تساعد في التفاوض على تقاسم الأضرار» لكن ذلك متوقف على قبول طهران عقد مباحثات حول ذلك. ورغم أن بغداد تؤكد عدم تعاون طهران معها لتقاسم أضرار الجفاف، وتثني على تعاون أنقرة، فإن إيران تحاول أن تبدو مدافعة عن حقوق العراق المائية مع تركيا.وأعلن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان، في تصريح أمام البرلمان، صباح أمس الأول، أن إيران «لا تقبل أن تقوم تركيا بإجراءات في مجال بناء السدود، تكون نتيجتها مشاكل للشعب الإيراني وشعوب المنطقة»، مبيناً أن هناك محادثات مع الجانب العراقي أجريت بشأن السدود التركية.