بعدما أحدثت حرب روسيا، المستمرة منذ 88 يوماً على أوكرانيا، تحوّلاً سريعاً في الرأي العام الفنلندي، أعلن رئيس البلاد، ساولي نينيستو، ورئيسة الوزراء، سانا مارين، أمس، أنهما يؤيّدان انضمام فنلندا إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وأن قرارا رسميا سيتّخذ نهاية الأسبوع، الأمر الذي لقي ترحيباً من جانب «ناتو» والاتحاد الأوروبي، قابله تهديدٌ من موسكو التي رأت في انضمام هلسنكي لـ «الأطلسي»، تهديداً مباشراً لأمنها.

ويتوقّع أن تعلن السويد المجاورة التي التزمت عدم الانحياز العسكري على مدى عقود، على غرار فنلندا، قرارها في هذا الصدد خلال أيام، وهو أمر سيتم على الأرجح خلال اجتماع لحزب رئيسة الوزراء، ماغدالينا أندرسون، الاشتراكي الديموقراطي.

Ad

ويتوقع أن يقدّم البلدان طلب ترشيحهما للعضوية بشكل مشترك.

وقال نينيستو ومارين، في بيان مشترك، إن «على فنلندا التقدّم بطلب للانضمام إلى ناتو من دون تأخير».

وجاء في البيان أن «عضوية ناتو ستعزز أمن فنلندا. وبانضمامها إلى الحلف، ستزيد فنلندا من قوة التحالف الدفاعي برمّته».

وأضاف البيان أن لجنة خاصة ستعلن قرار فنلندا الرسمي بشأن مسألة تقديم ترشيحها لعضوية «ناتو» بعد غد.

وأوضح نينيستو للصحافيين أن «الانضمام إلى ناتو لن يكون ضد أحد»، وسط تحذيرات روسية من عواقب سعي هلسنكي للانضمام إلى التحالف العسكري الغربي. وقال إن ردّه على روسيا سيكون «أنتم تسببتم في ذلك». ويدعم غالبية أعضاء البرلمان الفنلندي العضوية.

أمن روسيا

في المقابل، قالت روسيا إن مسعى فنلندا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي خطوة عدائية تشكل بـ «التأكيد» تهديدا لأمنها. وقال «الكرملين» إنه سيرد، لكنه لم يوضح كيف، قائلا إن ذلك سيعتمد على المدى الذي سيحرك حلف شمال الأطلسي به أصولا عسكرية بالقرب من الحدود الروسية - الفنلندية التي تمتد لنحو 1300 كيلومتر.

ويحذّر محللون من أن انضمام فنلندا قد يؤدي الى حرب. واعتبر المحلل العسكري المصري، اللواء سمير راغب، «في حديث مع موقع روسيا اليوم، أن انضمام فنلندا يتساوى في التهديدات مع انضمام أوكرانيا لـ «ناتو»، وأضاف: «هذا الأمر قد يدفع روسيا لعملية عسكرية خاصة في فنلندا بنفس طريقة أوكرانيا».

سلسة وسريعة

في المقابل، رحّب الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ بقرار فنلندا، مشيرا إلى أن العملية ستكون «سلسة وسريعة».

وبينما أشارت ​وزارة الدفاع الأميركية ​(البنتاغون)، الى أن «انضمام ​فنلندا​ لناتو لن يكون بالأمر الصعب»، قال رئيس المجلس الأوروبي، شارل ميشال، إن «الاتحاد الأوروبي وناتو لم يكونا يوما بهذه الدرجة من التقارب»، وأكد أن انضمام فنلندا، العضو في الاتحاد الأوروبي، إلى الحلف سيشكّل «خطوة تاريخية فور اتّخاذها، وستساهم بشكل كبير في أمن أوروبا»، معتبراً «أنه مؤشر ردع قوي في وقت تخوض روسيا حربا في أوكرانيا».

الغاز

الى ذلك، أعلنت شركة غازبروم الروسية العملاقة للغاز، أمس، أنها ستتوقف عن استخدام خط رئيسي لأنابيب الغاز يمرّ عبر بولندا إلى أوروبا، ردا على العقوبات الغربية.

وقالت «غازبروم»، في بيان نشر على تطبيق تلغرام، إن اعتماد عقوبات روسية مضادة «يعني حظر استخدام خط أنابيب غاز تابع لشركة يوروبول غاز التي تشغل الجزء البولندي من خط أنابيب الغاز يامال - أوروبا لنقل الغاز الروسي عبر بولندا».

وإثر ذلك اتهمت المانيا روسيا مجددا باستخدام الطاقة كسلاح.

أكبر تهديد

على صعيد آخر، اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لايين، خلال زيارة إلى طوكيو أمس، برفقة شارل ميشال التقيا خلالها برئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، أنّ «روسيا تشكّل أكبر تهديد مباشر للنظام العالمي، بسبب حربها الهمجية ضدّ أوكرانيا، وتحالفها المثير للقلق مع الصين».

وزار المسؤولان الأوروبيان طوكيو لإجراء جولة محادثات سنوية بين اليابان والاتحاد الأوروبي، تقام هذه السنة في ظل الحرب بأوكرانيا، ووسط مخاوف متزايدة في آسيا حيال الطموحات العسكرية الصينية.

من جهته، أكد كيشيدا الذي انضمت حكومته إلى العقوبات الغربية على موسكو، ولا سيما في مجالَي المال والطاقة، أن «غزو روسيا لأوكرانيا لا يعني أوروبا فقط، بل يهزّ قلب النظام العالمي، بما في ذلك آسيا»، مضيفاً «يجب عدم السماح بذلك».

رفض تسليح تايوان

على صعيد آخر، في محاولة لإظهار تركيز إدارته على منطقة المحيطين الهندي والهادي والتحدي الطويل الأجل الذي تمثّله الصين رغم أزمة أوكرانيا، استضاف الرئيس بايدن زعماء دول جنوب شرقي آسيا (آسيان).

وبدأت القمة التي تستمر يومين مع «آسيان»، التي تضم 10 دول، بعشاء في البيت الأبيض قبيل محادثات في وزارة الخارجية اليوم.

وستكون هذه هي أول مرة يجتمع فيها زعماء «آسيان»، وهو تحالف تشكل في أحلك أيام الحرب الباردة، كمجموعة في البيت الأبيض.

وقد تزامن ذلك مع معلومات مسربة أكدت رفض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن بعض طلبات تايوان للحصول على أسلحة متطوّرة وباهظة الثمن قد تستخدمها في مواجهة محتملة مع الصين، وبدلاً من ذلك حضّت تايوان على شراء معدات أخرى تعتقد الولايات المتحدة أنها ستردع الصين وتدافع عنها بشكل أفضل، وفقًا لمسؤولين أميركيين وتايوانيين ووثائق حصلت عليها مجلة بوليتكو.

ويقول المسؤولون إن هذه الإجراءات جزء من تحرّك إدارة بايدن لمواجهة التهديد الصيني. كما تأتي هذه التسريبات في وقت تراقب واشنطن وتايوان وبكين أوجه التشابه في الحرب الوجودية لأوكرانيا ضد روسيا.