نقطة: هكذا تكلم بو عبدالعزيز
عدنا والعود أحمد السعدون... يأبى هذا الرجل الجليل إلّا أن يعطي الدروس بين الفينة والأخرى عن مدى قوة الرأي وتأثير الكلمة إذا ما بُنيت على معطيات وحقائق واستحقت أن تسمّى رأياً، وخرجت للناس برزانة واتزان بعيداً عن خلط الأوهام والتمنيات بالإثارة المبتذلة، ليترك ثأثيره على مجرى الأمور، أو لينبه للجانب الخفي منها، دون الحاجة إلى الصوت العالي واختلاق الأكاذيب والتطاول وقلّة الأدب والشتم والتجريح ثقيل الدم.الرأي قبل شجاعة الشجعان، كما قال عمّنا أحمد منذ مئات السنين، وهذا ربما هو الفارق الأهم بين سياسيي سنوات التأسيس والبدايات والقراءات الجادة والعمل الرصين، وبين سياسيي وسائل التواصل والبحث عن المعجبين والمعجبات وإعادات التدوير لتغريداتهم، لا بأس من البحث عن الجماهيرية في بلد الكل فيه مشروع مرشح محتمل، ولا أحد يعرف متى يحلّ قضاء حل المجالس وإجراء الانتخابات، على ألّا يكون ذلك على حساب الحقيقة والنزاهة ورزانة الأفعال والأقوال، وإلا أصبح مَن يمارس مثل ذلك التضليل والتمويه وخلط الأوراق شريكاً عامداً أو جاهلاً لمن يدّعي محاربتهم.
بو عبدالعزيز يقدّم التعليم المجاني للجميع هذه الأيام، وما لم يستطع أن يقوله نواب وسياسيون؛ سواء لانعدام قدرتهم وقلّة فهمهم أو لحساباتهم الضيقة، يصدح به الرجل وحيداً وهو خارج المجلس والعضوية، وليكسر حالة الجمود ويحرّك المياه الراكدة بكلمات موزونة ورأي محل اعتبار وثقل تراكم عبر الزمن، فالقيمة والتأثير لا يُستمدان من عضويات المجالس أو أعداد المتابعين، خصوصاً إن لم يكن هناك ما يُقال أصلاً سوى الغمز واللمز وإثارة الصخب والصوت العالي الذي لا يصدر عادة إلا عن الخواء العميق، وقد نتفق مع ما يقوله حيناً ونختلف معه أحياناً، وهذه سنّة السياسة، لكنّ سمت الرجل وأسلوبه واحترامه لنفسه وتاريخه تفرض عليك الإنصات لكل كلمة تخرج منه وتقدير صاحبها واحترامه في مرحلة قلّ فيها المحترمون، فما الرجل إلّا أسلوبه... لك المجد يا أبا عبدالعزيز.