بقايا خيال: رعب جديد... يحوم حولنا
هل أنت من محبي أفلام الرعب؟ وهل شاهدت أياً من الأفلام السينمائية المرعبة؟ ماذا لو كنت تعيش هذا الرعب السينمائي في الواقع؟ وماذا لو كنت تسير بسيارتك وتعرف أن حولك في الطرقات يحوم أكثر من ثلاثين ألف قائد مركبة لا يعرفون أصول القيادة الآمنة، لأنهم حصلوا على إجازات القيادة بالتزوير؟ ألا تشير الإحصاءات الرسمية المرعبة إلى أن هناك أكثر من 25 ألف شخص يتجولون بيننا وقد يرتكبون أي جريمة قد لا يحاسبون عليها بداعي إصابتهم بأمراض عقلية، وقد تكون أنت أحد ضحاياهم؟ ألم يعترف السياسيون بأن هناك أكثر من 400 ألف كويتي حصل على جنسيته بالتزوير؟ ألا ينذر هذا بأن الكويتي الحقيقي سيصبح في القريب غريباً وأقلية بين كويتيين يدعون الانتماء لهذه الأرض بالتزوير؟ ألا يشير القانونيون إلى وجود حالات تزوير في بعض وثائق الملكيات العقارية، مما يصيبك بالرعب لأنك قد تجد نفسك ضحية لحالات التزوير في الوثائق الرسمية؟ هذه الأمثلة الواقعية المرعبة لا تساوي شيئاً أمام رعب الأدوية المقلدة المنتشرة في أغلب دول العالم، لأنك قد تتناول أحدها بطريق الخطأ فتكتب نهايتك بنفسك، فقد عرض تقرير تلفزيوني قديم يعود لسنة 2011 الأدوية المقلدة في العالم عرض ضمن برنامج (60 Minutes) الشهير على شبكة (CBS) التلفزيونية الأميركية، وكيف أن حملة تفتيش قادتها شرطة بيرو التي اقتحمت فجراً أحد المحلات التجارية في العاصمة ليما بحثاً عن أدوية مزورة، وهناك وجدوا ما يشبه الأدوية بأسماء ماركات عالمية معروفة كتلك التي تباع في الصيدليات في كل أنحاء العالم، ومئات الآلاف من الأدوية المقلدة صودرت فقادت خيوط الجريمة إلى بيت استخدم كمصنع للأدوية وتغليفها بأجهزة تغليف غاية في التطور، وهذه الحملة نجحت بجهود فريق تفتيش عالمي، شكل من قبل الشركة الأميركية للأدوية (فايزر) لملاحقة الأدوية المزورة، مكون من رجال الاستخبارات (FBI) الأميركية والاستخبارات المحلية وأجهزة مكافحة المخدرات بالإضافة إلى الشرطة المحلية لملاحقة المجرمين حول العالم.جون كلارك مدير شركة فايزر قال إن هذه الأدوية تصنع في بيئة تفتقر للحد الأدنى من الاشتراطات الصحية، حيث المياه ملوثة والمكان مليء بالحشرات والقاذورات، ورغم ذلك فإن عمليات التزوير في الأدوية تكلف شركات الأدوية العالمية عشرات الملايين من الدولارات سنويا، في حين تبلغ مبيعات الأدوية المزورة أكثر من 75 مليار دولار سنوياً، لأن التقليد في شكل العلب وشعارات شركات الأدوية العالمية بلغت غاية في الدقة مما يصعب الكشف عنها بسهولة، حتى وصلت لأكثر من 46 دولة بينها الولايات المتحدة الأميركية وكندا وبريطانيا.
ولأن مثل هذه الأدوية غير فعالة، بل هي مضرة بصحة من يتناولها، فإنها تسيء لشركات الأدوية والصيدليات والمستشفيات وتنتهي عند الإساءة للأطباء الذين وصفوا مثل هذه الأدوية لمرضاهم، حتى إن أقررنا بدقة تشخيصهم وصحة علاجهم، وحتى لو تمكن بعض المرضى من التعرف على الأدوية المقلدة من خلال الطعم أو الرائحة أو سرعة الذوبان، فإن الطبيب المعالج نفسه لا يقدر على التفريق بين الدواء الحقيقي والمقلد، فكيف بالمريض؟ أليس في تناول الأدوية المزورة انتحار جماعي؟ أليس هذا هو الرعب بعينه؟