شعب يغار وحكومة لا تخجل!
انتشر قبل سنوات مقطع فكاهي في السوشيال ميديا لشخص يطلب من صديقه الذي ينوي السفر لقضاء إجازته في إحدى الدول العربية ألا يتركه، ويأخذه معه تحت غطاء النظام المتعارف عليه بين أوساط الشباب «ميم ميم» وهو اختصار لكلمتي (محفول مكفول)، ومن باب المزاح كان يناديه بـ«أبو الغيرة» حتى يثير عواطفه ولا يتركه. بعد هذه المقدمة البسيطة أستطيع الآن أن أوجه كلامي وأناشد الغيارى من صناع القرار في عروس الخليج سابقاً، العروس التي كانت نموذجاً للتقدم والازدهار لكل الدول المجاورة بشتى المجالات، لقد وصلنا الآن إلى مرحلة- حتى هذا النموذج- نخجل أن نذكره ونتداوله، وأصبح ذكرى مؤلمة نتحاشى تناقله!إلى الغيارى وصناع القرار:نظرة منكم إلى الدول المجاورة ومقارنة بالتطور والتحول الكبيرين، ألا يكفي ذلك لأن يحرك فيكم الغبطة الساكنة أو الميتة- إن صح التعبير- ونحن مكانك راوح بل مكانك قف؟ أما آن الأوان أن تستفيقوا وتدركوا حجم معاناة الشعب ومرارة الغيرة التي يتلقاها الشعب بجرعات متتالية من إنجازات دول المنطقة، ونحن ما زلنا في المربع الأول حتى نكاد أن نفقده؟!
إلى الغيارى المتنفّذين: هل تعلمون أنه عندما تغار المرأة تبكي، وعندما يغار الرجل يصمت، وعندما يغار الشعب يحبط ويمرض ويفقد بصيص الأمل، ويلجأ إلى الأحلام والتمنّي، وكل هذا بسبب الغيرة التي تشعلونها كل يوم في قلوبنا، لأننا نعشق هذه الأرض عشق المحب المجنون، ونعتصر ألماً لكل التخاذل والأحلام المزيفة والمشاريع المدرجة في الأدراج فقط، حتى أصبحت الغيرة مرضاً مزمناً؟!إلى الغيارى:حتى المتقاعدون خذلتموهم في أرباحهم المزعومة، وحولتموها إلى مكافأة، والمكافأة صارت «بيض الصعو»! ولم تُصرف لهم حتى الآن، ونقولها لكم بالعامية: «ما تبونا نغار؟!»، فسليمان الحكيم يقول في الغيرة: «المحبة قوية كالموت والغيرة قاسية كالقبر».وأخيراً، وكما قالت الأديبة الفرنسية جورج ساند: «قليل من الغيرة بنّاء وكثير منها هدام»، نسأل المولى عز وجل أن يكتفي صناع القرار بجرعاتٍ قليلة فقط من الغيرة حتى يكون البناء والازدهار لبلدنا، وتلامس الأحلام أرض الواقع في القريب العاجل بإذن الله.