ذكر تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي أنه مضى على تشكيل أول حكومة بعد آخر انتخابات لمجلس الأمة نحو 514 يوماً حتى أمس، أو أخر أيام الأسبوع المنصرم، خلالها شكلت ثلاث حكومات واستقالت ثلاث، وآخر الاستقالات كانت بتاريخ 5 أبريل الماضي ضمنها، بلغ عدد أيام عمل الحكومات الثلاث نحو 383 يوماً، بينما بلغ عدد الأيام التي مارست فيها تلك الحكومات تصريف العاجل من الأمور نحو 131 يوماً، أي كان هناك يوم واحد لتصريف العاجل مقابل كل 2.9 يوم للعمل بصلاحيات يفترض أنها كاملة، والواقع أن عمل تلك الحكومات كان ضائعاً في محاولات لفض النزاعات.

واعتبر "الشال"، ذلك "ظاهرة مرضية نكاد نجزم بأنها لا تحدث، وفي أحوال عادية، لأي دولة في العالم، ونجزم قطعاً بأنها لا تحدث في زمن فيه عالم وإقليم مضطربان حتى بات المحللون يشبهون أوضاعهما في أحسن الأحوال بحقبة ما قبل اضطرابات ثمانينيات القرن الفائت، ويذهب بعضهم إلى مقاربة ما يحدث في العالم بحقبتي ما سبق حربي العالم الكونيتين الأولى والثانية".

Ad

في التفاصيل: "نعتقد بأن هناك ثلاثة احتمالات تفسر استمرار سير أوضاع الإدارة العامة في البلد تماماً بعكس المنطق، الأول، يعود إلى قلة الإدراك بخطورة ذلك الفراغ الإداري على استقرار ومستقبل البلد، والثاني، هو الإقرار بالعجز عن القدرة على تشكيل حكومة مختلفة وكفؤة، ما يعني أن غياب أو وجود حكومة، سيان، والثالث، هو المراهنة الخاطئة والمكلفة على شراء الوقت حتى بلوغ صيف طويل وخامل، لعل مرور الوقت يأتي بمعجزة تحل تلك المعضلة الإدارية العالقة".

وإن صدق أي من تلك الاحتمالات، ونأمل ألا يصدق أي منها، فإن "ضياع مزيد من الوقت سوف يعني عجز أي إدارة إصلاحية قادمة عن تحقيق أي إصلاح منشود، "فالهون" في مثل هذه الظروف، "أخطر ما يكون" وليس "أبرك ما يكون"، وأهم مقوضات الأمن الوطني، وذلك للأسف ما يتبلور حالياً، وهي فقدان الثقة بالإصلاح والخوف من المستقبل، وتآكل الهيبة والاحترام لمؤسسات الدولة شاملاً سلطاتها الدستورية الثلاث، وتفشي الفساد وإفلات كبار الفاسدين من العقاب، وذلك قطعاً ليس في مصلحة أحد مهما اختلفت توجهاته السياسية.

في الجانب الاقتصادي، وهو الأخطر، سوف يتم التعويض عن الفشل الإداري بقرارات نيابية وحكومية شعبوية تؤدي إلى تعميق اختلالات الاقتصاد الهيكلية، فتنافسيته سوف تقوض أكثر من ضعفها الشديد الحالي، وفجوة المالية العامة تتسع، وتتبخر فرص العمل لنحو أربعمئة ألف مواطنة ومواطن قادمين إلى سوق العمل قريباً، وسوف تزداد فجوة التركيبة السكانية كماً ونوعاً بزيادة طاغية لعمالة هامشية وافدة.

وعندما تستقر أحوال العالم الجيوسياسية، ويبدأ هبوط أسعار النفط، سوف تطفو على السطح كل تلك الأمراض التي كابدتها الكويت في الأعوام القليلة، التي أعقبت خريف عام 2014 واستهلكت كل سيولة احتياطها العام، وأدت إلى لجوئها لسوق الاقتراض العالمي.

ذلك كله لا يمكن أن تفهمه سوى إدارة حصيفة، ولا يمكن تداركه سوى بسرعة تشكيلها، وكان يمكن للكويت أن تكون في وضع أفضل بكثير، لو مثل هذا القرار الحصيف اتخذ في ديسمبر من عام 2020، لكن، تأخره رغم ضخامة تكاليفه، لا يعني فقدان جدواه.