يسعى مهرجان كان السينمائي، في سنة بلوغه الخامسة والسبعين، إلى أن يجدد شبابه، ويطمح هذا الملتقى العالمي المرموق للفن السابع الذي ارتبط اسمه باسم جادة كروازيت في المدينة الفرنسية، إلى إعادة استقطاب جيل منصات البث التدفقي والشبكات الاجتماعية إلى الشاشات الكبيرة.

وكان لافتاً أن المهرجان أنهى هذه السنة شراكته القديمة مع محطة "كانال +"، التي اكتسبت في ثمانينيات القرن العشرين وتسعينياته رمزية سينمائية، وكانت تتولى خصوصاً نقل وقائع افتتاح المهرجان واختتامه.

Ad

واعتمد المهرجان عوضاً عن "كانال +" شريكين إعلاميين جديدين، أحدهما من القطاع العام هو مجموعة "فرانس تلفزيون"، والثاني موقع "بروت" الذي يتيح مخاطبة الأجيال الشابة خصوصاً.

من هنا، ثمة بُعد رمزي للتحالف بين المهرجان وهذا الموقع في خضمّ تراجع الإقبال على دور السينما بفعل المنافسة الشرسة من المسلسلات والبث التدفقي. ولا يقصد كثر من الشباب دور السينما إلا لحضور أفلام الأبطال الخارقين سواء أكانت من إنتاج "مارفل" أو "دي سي كوميكس".

إلا أن رئيس "بروت" غيّوم لاكروا لاحظ أن المواضيع التي تتناولها أفلام مهرجان كان "تعبّر بشكل كبير عن الشباب في كل أنحاء العالم". ورأى لاكروا في شراكة "بروت" مع المهرجان وسيلة لجعله "أكثر شمولاً". إن من حيث قدرته على إثارة اهتمام مختلف الأجيال والفئات العمرية أو "في ما يتعلق بالتنوع".

ويتضمن المهرجان أصلاً مجموعة برامج مخصصة لدعم المواهب الشابة وإطلاقها، ومنها مثلاً "سينيفونداسيون" و"لا فابريك سينما". وأعاد المهرجان أخيراً تركيز لائحة الأفلام المختارة ضمن قسم "نظرة ما" (Un Certain Regard) على المواهب الجديدة.

وبعد عام على التوجه التجديدي الذي تمثّل في منح السعفة الذهبية إلى ثلاثينية هي الفرنسية جوليا دوكورنو عن فيلمها "تيتان"، يتنوع المتنافسون على جائزة المهرجان بين مخضرمين كديفيد كروننبرغ (79 عاماً) والأخوين داردين (68 و71 عاماً)، وصاعدين على غرار لوكاس دونت (30 عاماً) أو سعيد روستايي (32 عاماً).

ورأى أستاذ الاقتصاد والباحث في معهد Inseec الفرنسي للاقتصاد وإدارة الأعمال جوليان بيّو أن مهرجان كان، كالوسط السينمائي برمته، يحتاج إلى "تحديث صورته" و"استقطاب جيل جديد".

وسيكون نجم تيك توك كابي لامي الذي يبلغ عدد متابعيه مئة مليون ضمن لجنة تحكيم مسابقة لمقاطع الفيديو القصيرة التي تتراوح مدتها بين 30 ثانية وثلاث دقائق، تنظمها الشبكة، ويتسلم الفائزون بها جوائزهم في 20 مايو من المفوض العام للمهرجان تييري فريمو.

تجمع الدورة الخامسة والسبعون للمهرجان التي تنطلق غداً أبرز الوجوه السينمائية، ويشهد الحدث الذي يقام في ظل أجواء الحرب في أوكرانيا حضور كوكبة من النجوم من بينهم الممثلان مادس ميكلسن وتوم كروز، ويشمل برنامجه أفلاماً لمخرجين حفروا أسماءهم في تاريخ السينما كديفيد كروننبرغ وجيمس غراي.

وتشهد السجادة الحمراء هذه السنة مرور مجموعة من النجوم من بينهم توم كروز المشارك عن فيلم "توب غان" الجديد، والممثلان إدريس إلبا وتيلدا سوينتن عن شريط للمخرج جورج ميلر، وليا سيدو وفيغو مورتنسن عن فيلم أخرجه ديفيد كروننبرغ، وأوستن باتلر الذي سيتولى بطولة فيلم "إلفيس" المنتظر عن سيرة المغني إلفيس بريسلي للمخرج باز لورمان.

ويشارك في المهرجان كذلك الممثل فورست ويتيكر ومن المقرر أن يحصل هذه السنة على سعفة ذهبية فخرية.

وتتولى الممثلة فيرجيني إيفيرا (أدت أحد دورَيْ البطولة في "روفوار باري"، وهو فيلم خارج المنافسة ويتحدث عن الذكرى المؤلمة للهجمات التي وقعت في العاصمة باريس)، تقديم حفلة الافتتاح المرتقبة. ويتنافس 21 فيلماً لنيل السعفة الذهبية ويشارك في المهرجان مخرجون عدة تتراوح أعمارهم بين 30 و84 عاماً، من بينهم ديفيد كروننبرغ عن فيلمه "كرايمز أوف ذي فيوتشر"، وجيمس غراي عن "أرماغيدون تايم" الذي تدور قصته في ثمانينات القرن العشرين التي شهدت صعود عائلة ترامب.

ومن المرتقب أن يستقبل مهرجان كان للمرة الأولى كيريل سيريبرينكوف الذي أصبح رمزاً للفنانين الروس المناهضين للنظام.