يشهد شمال شرق الهند تراجعاً ملحوظاً في الحوادث المرتبطة بحركات التمرد بعدما اجتاحه عدد كبير من الجماعات المتمردة سابقاً، حيث يذكر التقرير السنوي الصادر عن وزارة الداخلية، بين العامين 2020 و2021، أن الوضع الأمني في ولايات شمال شرق الهند تحسّن بدرجة كبيرة منذ عام 2014.تتعدد العوامل التي ضمنت صمود الجماعات المتمردة في شمال شرق الهند طوال عقود، فقد قدّمت الصين وباكستان منشآت تدريبية وأسلحة لهذه الأطراف، كذلك، نشأت ملاذات آمنة لها في دول مجاورة مثل بوتان وبنغلادش وميانمار، وزادت سهولة الحصول على الأسلحة.
ويُعتبر شمال شرق الهند من أقل المناطق تطوراً في البلد: إنها منطقة غير ساحلية تحيط بها الصين وبوتان وبنغلادش وميانمار، وترتفع نسبة البطالة وسط فئة الشباب هناك، لذا ينضم الشبان العاطلون عن العمل إلى صفوف الجماعات المتمردة منذ عقود.لكن الوضع بدأ يتغير في عام 2003، حين أطلقت بوتان هجوماً عسكرياً لتفكيك المعسكرات ومراكز التدريب التابعة لثلاث جماعات مسلّحة وناشطة في «آسام» والبنغال الغربية.وبعد مرور خمس سنوات، بدأت حملة قمعية واسعة في بنغلادش وأدت إلى اعتقال كبار القادة المتمردين وتسليمهم إلى الهند.في عام 2019، سحق الجيش معسكرات عدة في إقليم «ساجينغ» في ميانمار، مع أن التقارير تفيد بأن هذه الجماعات بدأت تعيد تجميع نفسها في المنطقة.في شمال شرق الهند، طبّقت الحكومة الهندية سياسة «العصا والجزرة» التي شملت عروضاً للتفاوض مع جميع الحركات المسلّحة تزامناً مع متابعة عمليات مكافحة التمرد، وعقدت الجماعات المتمردة اتفاقيات سلام مع الحكومة خلال فترات منتظمة بعد الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة معينة وطرح مجموعة من الشروط. في السنة الماضية، عادت خمس جماعات مسلّحة في «آسام» إلى الواجهة بعد إبرام اتفاقيات مع الحكومة، حيث تبنّت الحكومة «سياسة الاستسلام» في عام 1998، ثم عادت هذه المقاربة وخضعت للمراجعة بعد مرور عشر سنوات، وبموجب هذه السياسة تحصل الجماعة المسلّحة التي تقرر الاستسلام على 400 ألف روبية (نحو 5 آلاف دولار)، وراتب شهري بقيمة 6 آلاف روبية طوال ثلاث سنوات، وتدريب مهني للقيام بأعمال حرة، واستفاد آلاف العناصر في جميع ولايات الشمال الشرقي من هذه الحزمة خلال السنوات القليلة الماضية.في الوقت الراهن، تنشط 40 جماعة متمردة تقريباً في شمال شرق الهند، وهي تنتشر في ست ولايات من أصل 8 في هذه المنطقة، وتشمل ولاية «مانيبور» أكبر عدد من الجماعات المتمردة الناشطة، في حين أصبح وجودها في «سيكيم» و«ميزورام» شبه معدوم.يمكن تقسيم هذه الجماعات إلى خمس فئات، يشارك أكبر عدد منها في عملية سلام مع الحكومة بهدف التوصل إلى تسوية يتم التفاوض عليها، وتشمل هذه الفئة جماعة «إسحاق مويفاه» التابعة لمجلس «نغاليم» الوطني الاشتراكي، و«جبهة التحرير المتحدة في آسوم» التي تؤيد إجراء المحادثات، وأكثر من 20 فرعاً آخر ينتمي إلى جماعتَي «كوكي» و«زومي» في «مانيبور».إلى جانب هذه الفئة، تملك سبعة فروع انفصالية أخرى معسكرات واستثمارات متنوعة في ميانمار، لكنها ترفض المشاركة في أي محادثات مع الحكومة الهندية وتتابع إطلاق اعتداءات متقطعة ضد قوات الأمن.في آخر سنتين، نجحت قوات الأمن في مداهمة وحدات من الحزب الشيوعي الهندي الماوي في «آسام» وجماعات إرهابية تابعة لتنظيم «القاعدة» في بنغلادش، كذلك تعود جماعات أصغر حجماً إلى الواجهة ثم تختفي من وقتٍ لآخر في مناطق مثل «كاربي أنغلونغ» و«ديما حساو» في «آسام»، علماً أن هاتين المنطقتين كانتا من الأكثر اضطراباً في هذه الولاية.* راجيف بهاتاشاريا
مقالات
تراجع كبير في حركات التمرد في شمال شرق الهند
17-05-2022