بدأت نتائج الانتخابات النيابية اللبنانية تظهر بوضوح أكبر لجهة التوازنات التي ستتشكل على أساسها الكتل النيابية، واستغرق الأمر يومين لحسم القوى السياسية والأحزاب اتصالاتها لتشكيل كتلها، وبناء عليه أصبح من الواضح أن القوات اللبنانية هي صاحبة الكتلة الأكبر في البرلمان، تليها كتلة التيار الوطني الحرّ.

وردّت مصادر في «القوات» على إعلان رئيس «التيار الوطني» جبران باسيل أنه صاحب الكتلة المسيحية الأكبر والتكتل الأكبر في البرلمان باستهزاء، معقبة: «غريب كيف يقوم باسيل بالحسابات، فكتلته الحزبية مؤلفة من 17 نائباً، وكتلة القوات الحزبية مؤلفة من 18، وهناك نائب حليف وثابت هو كميل شمعون فيصبح عدد الكتلة 19، كيف يخرج باسيل ليعلن أنه صاحب الكتلة المسيحية الأكبر؟!».

Ad

وأضافت المصادر: «على صعيد التكتلات، أيضاً، تبقى القوات هي الأكبر لأنه سينضم إليها جميل عبود وأشرف ريفي، وبذلك يصبح تكتل القوات مؤلفاً من 21 نائباً».

أما تكتل «التيار الوطني»، بحسب مصادر «القوات»، فسيكون مؤلفاً من 18 نائباً، أي 17 نائباً حزبياً مقابل نائب سنّي من عكار هو محمد يحيى، مؤكدة أنها بُلّغت من النائب سجيع عطية عدم انضمامه إلى كتلة باسيل، بينما نواب حزب الطاشناق الأرمني سيعملون على تشكيل كتلة نيابية مع ميشال الياس المرّ. وبذلك لن يكون عدد كتلة باسيل 21 نائباً أو أكثر كما قال.

في المقابل، تقول المصادر القريبة من باسيل إنه يسعى إلى توسيع حجم كتلته النيابية بضمّ «الطاشناق» إليها، وهناك اتصالات معهم بهذا الصدد لم تُفضِ الى نتيجة بعد.

أما تكتل سليمان فرنجية فسيكون مؤلفاً من 3 نواب فقط هم طوني فرنجية، وفريد الخازن، ووليم طوق، ويجري العمل على ضم نائب علوي إليه، وبذلك سيكون لـ «القوات» أكبر كتلة نيابية وأكبر كتلة مسيحية، ولـ «التيار» الكتلة الثانية.

أما «حزب الله» ونبيه بري فيتساويان بكتلتين كل واحدة منهما مؤلفة من 15 نائباً بعد انضمام نائبين سنيين الى الحزب، تليهما كتلة وليد جنبلاط المؤلفة من 9 نواب.

في المقابل تستمر بعض الاتصالات السياسية التي يقوم بها الرئيس فؤاد السنيورة والذي فاز على اللوائح التي دعمها ثلاثة نواب سنّة بالعمل على إجراء اتصالات بنواب آخرين لتشكيل كتلة تكون منسجمة ما بين أفرادها، في حين هناك مرشحون محسوبون أيضاً على تيار المستقبل، لم يُحسم حتى الآن ما إذا كانوا سينجحون في تشكيل كتلة منفصلة.

كتلة الكتائب اللبنانية ستكون مؤلفة من خمسة نواب هم 4 حزبيين سامي الجميل، نديم الجميل، الياس حنكش وسليم الصايغ، ونائب حليف هو جان طالوزيان. ويبقى هناك نواب مستقلون أيضاً قد يبحثون في إمكانية تشكيل كتل، كما هو الحال بالنسبة إلى النائب أسامة سعد الذي يسعى إلى تشكيل كتلة مع عبد الرحمن البزري، شربل مسعد والياس جرادة. فيما «قوى التغيير» أيضاً تسعى إلى تشكيل كتلة أو أكثر.

الهدف من السعي إلى تشكيل هذه الكتل سيكون مرتبطاً بالمسارات والتوازنات السياسية في المرحلة المقبلة، وتحديداً لدى البحث في عملية تشكيل الحكومة وكيفية صوغ التوازنات التي ستتشكل على أساسها تلك الحكومة، لأنه وفق الأعراف اللبنانية التي كانت سائدة سابقاً فكل تكتل يضم أربعة نواب يحق له المطالبة بوزير في الحكومة التي ستتشكل.

وستفرض آلية تشكيل الكتل نفسها على معركة رئاسة الحكومة، ومن سيكون المرشح لهذه المهمّة، بالإضافة إلى الشكل الذي ستكون على أساسه الحكومة، وكيفية توزيع الحصص فيها.

وتبدأ ولاية المجلس الجديد الأحد المقبل، وسيكون أمامه مهلة 15 يوما لانتخاب رئيس له، وهو منصب يشغله رئيس حركة أمل، نبيه بري، منذ عام 1992، ولا ينوي التنازل عنه، رغم بلوغه الرابعة والثمانين.

وأعلن «التغييريون» والمعارضون الآخرون، وبينهم رئيس حزب القوات اللبنانية، سمير جعجع، أنهم لن ينتخبوا بري رئيسا للبرلمان، وكذلك أعلن التيار الوطني الحر حليف حزب الله. لكن قد لا يكون اعتراضهم مجديا، لأن كل النواب الشيعة ينتمون الى حركة أمل وحزب الله أو ما يعرف بـ «الثنائي الشيعي»، وبالتالي، لن يكون لديهم مرشح بديل لتقديمه، علما بأن رئاسة المجلس النيابي تعود للشيعة في لبنان. فهل يشكّل انتخاب رئيس المجلس أول اختبار للمعارضين لمعرفة الى أي مدى هم مستعدون للمخاطرة بتحدي حزب الله؟

ويفترض أن تقدم حكومة نجيب ميقاتي استقالتها بعد بدء ولاية البرلمان الجديد، وتصبح حكومة تصريف أعمال بانتظار تعيين حكومة جديدة تعبّر عن نتائج الانتخابات.

وقد يجد ميقاتي نفسه في موقع من يدير حكومة تصريف أعمال الى أن يحين موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية في نهاية هذه السنة.

وسيكون انتخاب رئيس ليخلف ميشال عون (88 عاما)، بدوره، استحقاقا صعبا آخر على جدول أعمال المجلس النيابي.

ويتم التداول بأسماء عدة لخلافته؛ بينها باسيل، وجعجع، والنائب والوزير السابق سليمان فرنجية، وقائد الجيش جوزيف عون.

منير الربيع