رياء غربي
كتبت الأفغانية شابانا بسيج راينج في الـ "واشنطن بوست" عن وضع النساء تحت حكم "طالبان": "هل رأيتم وجوه النساء في كابول؟ هل رأيتموهن؟ هؤلاء أخواتي الأفغانيات يحملن اللافتات في الشوارع يطالبن بالعدالة، أجسادهن معرضة للأذى، ويتملكهن الرعب، انظروا إليهن الآن قبل أن يغمرهن اللون الأزرق، ويتلاشين...".اللون الأزرق هو لون اللباس الذي تفرضه حكومة "طالبان" على النساء، والذي يغطي جسد المرأة بالكامل، فهذا الجسد عورة، وهذا هو الشرع كما يفسره ويريده الطالبانيون ومعهم أصحاب الفكر الأصولي في أي مكان مبتلى بالدولة الدينية والفكر المتزمت، وتُمنَع النساء من الخروج من المنزل إلا للضرورة القصوى، وإذا خرجت إحداهن دون محرم، فسيتعرض والدها أو شقيقها للسجن.مشهد آخر لا يبدو أن كثيراً يهتمون له في العالم، وهو طوابير المنتظرين للإعانة الغذائية التي تقدمها المنظمات الإنسانية، فهناك تسعة ملايين أفغاني جائع، فمن كل ثلاثة أفغان هناك إنسان يفتك به الجوع. مشهد طوابير الانتظار من الجياع هذه أول مرة تشاهَد في أفغانستان حسب أخبار "سي إن إن"، فهذا الشعب له كرامته وعزته، ولم يتعرض لمحنة المجاعة من قبل كالتي يمر بها الآن، بينما العالم مشغول بالغزو السوفياتي لأوكرانيا، فمن يكترث لملايين الجوعى؟!
الدول الغربية والولايات المتحدة هي رأس الحربة، تحتجز أموال الدولة الأفغانية وتصر على عدم صرفها حتى تعود للمرأة الأفغانية حقوقها التي سلبتها حكومة "طالبان"، وتدرك تلك الدولة أن المساعدات التي يقدمها العالم لا يمكن بأي حال أن تملأ بطون الأفغان، فلا يوجد اقتصاد بأفغانستان والدولة مفلسة تماماً.السؤال الآن: هل يمكن التعذر بحقوق الإنسان وحقوق المرأة تحديداً حتى يتم تجويع شعب كامل من أطفال ونساء ورجال؟! وهل نفعت أحكام الحصار الاقتصادي في تغيير أنظمة الحكم أو حتى خضوعها لشروط الغرب؟! هل كان لها أي جدوى في العراق بعد حرب تحرير الكويت وحتى ٢٠٠٣ أو في اليمن الآن؟! وأيهما أولى: المجاعة أم الحد الأدنى من حقوق الإنسان؟ ولماذا يتم تجويع شعوب كاملة بحجج تأديب الأنظمة المارقة التي تحكمها وعدم انصياعها للشروط الأميركية؟! إذا لم يكن هذا رياءً واستبداداً أميركياً، فماذا عساه أن يكون؟!