بقايا خيال: حدودنا كلها غير آمنة
كتب الزميل أحمد الصراف مقالة في جريدة «القبس» بعنوان «من يراقب حدودنا البحرية؟» قال فيها «إن حدودنا البحرية، بالذات، غير مُؤمّنَة ولا آمِنة ويسهل اختراقها، ومن يهمه الأمر ويريد بنا السوء يعرف ذلك، ولا ينتظر قراءته في عمود صحافي، دار ويدور لغط كبير في وسائل التواصل عن تعدد اختراق جهات غير صديقة لحدودنا، وبيّن عجز قوى خفر السواحل، إن تواجدت، عن التصدي لهؤلاء، وهذا إن صح فهو بحكم الكارثة!». انتهى الاقتباس. لا أعتقد أن الأمر اقتصر على المنافذ البحرية فقط، ولو كان كذلك لقلنا إن الأمر هين ومن الممكن السيطرة عليه، ولكنني أعرف أن المنافذ البرية والجوية أيضاً تعانيان الأمرين من «الخرير الآدمي» ومن التسيب والفلتان الإداري، ألم نسمع ونقرأ عن مساجين تمكنوا من الهرب من السجن ومن الكويت عبر المنافذ الرسمية بوثائق سفر مزورة؟ ألم نسمع ونقرأ عن متهمين عليهم أحكام قضائية وممنوعين من السفر تمكنوا من مغادرة البلاد خلال انقطاع التيار الكهربائي عن مطار دولة الكويت، وكأن هذه المنشأة غير مزودة بمولد كهربائي للحالات الطارئة للعمل مباشرة عند انقطاع التيار الكهربائي في حالات الطوارئ؟ قبل سنوات تعرفت على أحد الوافدين الماهرين في إحدى الحرف وكانت زياراته متكررة في الأسبوع عدا الاتصالات التلفونية اليومية، إلا أنه في أحد الأيام، وبسبب انشغالي بأموري الخاصة، لم أنتبه إلى انقطاعه عني لفترة زادت على الأسبوع ثم ظهر فجأة، فسألته أين كنت؟ فرد بأنه كان خارج الكويت في حفر الباطن، فقلت وكيف تغادر بهذه السرعة وتصريح الدخول إلى المملكة العربية السعودية وحده يستغرق أياماً للحصول على الموافقة، والغريب أنك لم تخبرني بنيتك مغادرة الكويت لبضعة أيام؟ فقال بأن أصدقاءه الضباط دبروا أمر خروجه من الكويت ودخوله المملكة ومن ثم العودة إلى الكويت بالطريقة نفسها، دون الحاجة إلى ختم الجواز، وفي بادئ الأمر لم أصدقه فأقسم بالله أن أحد ضباط الداخلية رتب أمر «رحلته السرية» مع أصدقاء هذا الضابط في المنفذين الكويتي والسعودي في الذهاب والإياب دون الحاجة إلى ختم الجواز، موضحاً أن الرحلة استغرقت ثلاثة أيام لم أتفق بنهايتها على العمل الذي كلفت به ولا المردود المادي فعدت إلى الكويت.
نقلت هذه المعلومات إلى أحد أصدقائي الضباط لعل وعسى أن ينقلها بدوره إلى أحد كبار المسؤولين في وزارة الداخلية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية حدودنا البرية من عبث الكويتيين «المتسللين» عبر الحدود في النهار، فكشف لي أنه أحيل إلى التقاعد بسبب خلاف مع رئيسه، ورغم ذلك فإن ما نقلته إليه لم يكن بالأمر الجديد عليه، بل إنه يحدث بشكل متواصل، خصوصاً مع أولئك المزدوجين الذين يعيشون في الدول الخليجية المجاورة دون إثبات أنهم خرجوا من الكويت، هذه الواقعة وقعت قبل أكثر من سبع سنوات لكنني أحببت أن أسردها على القراء اليوم بعد أن قرأت مقالة الزميل بوطارق، متمنياً أن تكون حدودنا آمنة أكثر من ذي قبل، وأن تحظى مثل هذه الكتابات بالتفاتة من مسؤولي وزارة الداخلية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، «والله يستر على هالديرة».