يعد الغزو الروسي لأوكرانيا أكبر وأخطر تعبئة عسكرية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.ويعد فشل الرئيس فلاديمير بوتين في خطته الأولية للاستيلاء بسرعة على العاصمة كييف، وقطع رأس الحكومة واستبداله بموال له. فنحن الآن في مرحلة من المزيد من العدوانية من قبل الجانب الروسي.
وبحسب "بلاك روك"، في تقرير لها بشأن أكبر المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي خلال 2022، لفت التقرير الى أن الاستمرار في الحرب الروسية - الأوكرانية سيتسبب في خسائر إنسانية مدمرة، مضيفة: "نحن لا نرى تسوية الصراع كما هو مرجّح في هذه المرحلة، على الرغم من محادثات السلام. وبدلا من ذلك، فإن السيناريو الأكثر احتمالا - من وجهة نظرنا - هو صراع ممتد في أوكرانيا، مع حراك سياسي طويل الأمد، مع استمرار المواجهة الاقتصادية والعسكرية بين الغرب وروسيا".وأضاف التقرير أن ازدياد معدلات التهديدات السيبرانية على مستوى العالم تعدّ في المرتبة الثانية من حيث المخاطر، حيث أدت حرب أوكرانيا إلى زيادة التهديد السيبراني بشكل كبير في الغرب.لقد أصبح من الواضح أن الحكومة وشبكات القطاع الخاص والبنية التحتية في جميع أنحاء العالم عرضة للقرصنة والتجسس. وبالطبع، فإن السوق المالي أبدت ردود فعل، ومع ذلك كانت صامتة. يذكر أن الهجمات تتزايد من حيث النطاق والحجم والتطور، في حين تواجه الولايات المتحدة "وباء" برامج الفدية.ولفت التقرير الى أن الهجمات المتكررة يمكن أن تسبب ضررا كبيرا وتعطيلا مستمرا، والذي قد تمتد إلى الأسواق المالية والاقتصاد.وتأتي المنافسة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين، بين المخاطر التي تتصدر عناوين عام 2022، حيث إنها الدافع الأكبر الى تجزئة عالمية، حيث يركز كلا البلدين على التعزيز، ويعد الاعتماد على الذات وتقليل نقاط الضعف وفصل إدارة قطاعات التكنولوجيا الخاصة بهم الهمّ الشاغل للقوتين الآن. كما أن العقوبات الغربية وإيقاف واردات التكنولوجيا الروسية ستؤدي إلى تفاقم التجزئة وتعميق التركيز العالمي على الاعتماد على الذات والموثوقية في سلاسل التوريد. في الولايات المتحدة، يتجه "الكونغرس" نحو إطلاق تشريعات سياسية تهدف إلى تعزيز القدرة التنافسية في التقنيات الأساسية والضرورية. وتقوم لجنة الأوراق المالية والبورصات بزيادة متطلبات الإفصاح بشأن إدراج الشركات الصينية في الولايات المتحدة، التي هددت بفرض عقوبات على الشركات الصينية التي تقوض ضوابط على التصدير الأميركي الى روسيا، وتدرس وضع ضوابط على الاستثمار الخارجي في الصين؛ إما عن طريق التشريع أو الإجراء التنفيذي.
رعب من هجوم
سيؤدي أي هجوم أو عنف إلى خسارة كبيرة في الأرواح واضطراب تجاري، فمع استيلاء "طالبان" على السلطة والإفراج المصاحب لها عن السجناء في أفغانستان قد تتزايد مخاطر العنف الدولي، حتى مع تحسّن قدرات مكافحة الإرهاب الأميركي، فالتمرد في الولايات المتحدة يؤكد تزايد خطورة وخطر الإرهاب المحلي.من ناحية أخرى، تعدّ الأزمات السياسية للأسواق الناشئة وفشل السيطرة على متحور كوفيد -19 المستجد، من أهم التحديات للعام الحالي، وأوضح التقرير أن الآثار غير المباشرة للأزمة الأوكرانية ستتضخم وتزيد من التحديات للاقتصادات الناشئة. في الوقت الذي تكافح الأسواق الناشئة بالفعل مع تضخم سريع الارتفاع وبطء الاقتصاد مع تفشّي الوباء.وأضاف: "هم الآن على استعداد لمواجهة ضغوط مضاعفة مع ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، وارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، فضلاً عن الاضطراب الاجتماعي، الملحوظ بالفعل في مختلف البلدان الهشة، سوف يظل عام 2022 محفوفا بالمخاطر"."هناك تاريخ طويل من الغذاء آثار نقص الغذاء والتضخم في عدم الاستقرار في الأسواق الناشئة. علينا أن نقلق حول موجة محتملة من التخلف عن السداد السيادي في السنوات المقبلة".التنافس الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والصين، يأتي في الترتيب السادس بين المخاطر العشرة المحتملة لعام 2022، ويأتي التساؤل: هل تأخذ الصين العمل العسكري لتسريع لمّ الشمل مع تايوان ليتصدر عناوين العلاقات الإقليمية بين الدولتين، لا سيما أن تايوان أصبحت نقطة اشتعال في علاقات الولايات المتحدة والصين؟ وعلى صعيد متصل، أرسلت الصين أرقاما قياسية من الطائرات، وجددت بكين التزامها بتحقيق "التوحيد الكامل" مع تايوان. فيما دعت الولايات المتحدة الى زيادة مشاركة تايوان في أنشطة الأمم المتحدة، ووافقت على البيع المحتمل لمعدات وخدمات عسكرية لتايوان بنحو 100 مليون دولار. وأِشار التقرير: "نحن لا نرى المواجهة تهديدا وشيكا، لكن نعتقد أن المخاطرة تزداد مع مرور العقد. أي عمل صيني يدعم، بشكل مباشر، الغزو الروسي لأوكرانيا - على وجه الخصوص من خلال المساعدات العسكرية - من شأنه أن يعرّض الصين لخطر كبير من العقوبات وتهدد علاقاتها الغربية".مؤشر «بلاك روك» لأبرز المخاطر الجيوسياسية منذ 2018
نزاع كوريا الشمالية وتوترات الخليج
يواصل نزاع كوريا الشمالية النووي في التراكم، ويأخذ منحنى استفزازيا، مثل إجراءات إطلاق الصاروخ الباليستي. فبرنامج كوريا الشمالية النووي مستمر بلا هوادة بجميع أبعادها، مع المزيد من تجارب الصواريخ في يناير. كما رفضت كوريا الشمالية المحادثات مع الولايات المتحدة مع تصعيد الاستفزازات بشكل كبير - بما في ذلك استئنافها العمل في موقعها الرئيسي للتجارب النووية، وإجراء أولى تجاربها لاختبار الصواريخ الباليستية العابرة للقارات منذ عام 2017. ووفق التقرير: "لا نرى تهديداً وشيكًا من الصراع الإقليمي. ومع ذلك، ستزداد التوترات عام 2022. ومن المحتمل أن نشهد تجارب صاروخية بعيدة المدى إضافية، وربما تجربة نووية". وعلى صعيد توترات منطقة الخليج العربي، لفت التقرير الى أن انهيار محادثات إيران النووية، وتصاعد التوترات يهددان بخطر نزاع إقليمي محتمل في الوقت الذي يعد إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 غير مؤكد بعد ذلك، مع إصرار إيران على أن تزل الى طلب الولايات المتحدة. إن الاتفاق سيكون مثيرا للجدل في واشنطن، لكننا لا نعتبر مراجعة "الكونغرس" للعقوبات بمنزلة خطر، نرى زيادة في مخاطر العمل العسكري، فضلا عن ضغوط إضافية على أسعار النفط.خارج إيران، هناك تهدئة عامة للتوترات بين منتجي النفط الخليجيين المستفيدين من ارتفاع أسعار الطاقة. فيما يظل استمرار هجمات المتمردين الحوثيين على السعودية وأبوظبي مصدرا مستمرا للتوترات الإقليمية.على صعيد آخر، فشل استثمار الاقتصادات المتقدمة في تنفيذ سياسة المناخ وبطء الإجراءات التنظيمية للوصول الى صفر انبعاثات جلبت الأزمة في أوكرانيا أمن الطاقة إلى طليعة الأولويات، حيث سيحتاج العالم إلى المزيد من الوقود الأحفوري غير الروسي على المدى القصير، ونعتقد أن الأزمة ستجعل الانتقال إلى صافي انبعاثات الكربون الصفرية على المستوى الإقليمي متباينا.في أوروبا، من المرجح أن يعزز هذا خطط إزالة الكربون وجعل الطاقة النظيفة أكثر تنافسية، حيث إن المنطقة هي مستورد صاف للوقود الأحفوري، مما يحفز البحث عن قدر أكبر من أمن الطاقة. في الولايات المتحدة، على النقيض من ذلك، فهناك حافز أقل لأكبر منتج للوقود الأحفوري في العالم، من تغيير سياساته، فالفوائد للمنتجين أعلى، وسيكون عبء ارتفاع تكاليف الطاقة على المستهلكين الأميركيين أقل مما كانت عليه في الاتحاد الأوروبي.الوحدة والضغوط التضخمية على الاقتصاد الأوروبي، في ذيل القائمة، حيث أدت أزمة أوكرانيا إلى اندفاع قوي نحو الوحدة الأوروبية، حيث أجمعت الحكومات الأوروبية على فرض عقوبات اقتصادية ومالية قاسية على روسيا. كما أنهم يركزون الآن على زيادة الاعتماد على الذات في الطاقة والدفاع، واعتماد أوروبا الحالي على الطاقة الروسية تمثّل تحديات. على الأرجح أن يتم تسهيل مالي إضافي لمواجهة ارتفاع تكاليف الطاقة، وزيادة التمويل والإنفاق الدفاعي والاستجابة الإنسانية المتزايدة للأزمة، قد يكون هذا تضخميًا، لكننا نتوقع أن يفعل البنك المركزي الأوروبي ذلك بحذر. إذا كان الاتحاد الأوروبي ينسق استجابة مركزية أخرى، كما فعلت أثناء الجائحة، قد يمثّل هذا خطوة أخرى نحو الاتحاد المالي في أوروبا.