تحذير أميركي وبريطاني من تفشي «جدري القرود»
● لندن تشتري اللقاحات وبلجيكا أول دولة تحجر المصابين إلزامياً
● إصابات في اليونان وإسرائيل
رغم تطمينات صحية بعدم وجود خطر حالياً على عموم السكان، يثير تفشي مرض جدري القرود مخاوف دولية من تكرار سيناريو جائحة كورونا أو بعض فصوله، في حين تُجاهد دول العالم للخروج نهائياً من القيود الصحية التي كبّلتها أكثر من سنتين.
حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، اليوم، من الاستهتار بمرض جدري القرود المتوطّن في مناطق غرب ووسط قارة إفريقيا، والذي بدا الانتشار في أوروبا وأميركا خلال الأيام الاخيرة، في حين قالت الحكومة البريطانية إنها تأخذ المسألة «على محمل الجد». وقال بايدن للصحافيين في قاعدة جوية بكوريا الجنوبية، قبل مغادرته على متن طائرة الرئاسة الأميركية متجها إلى اليابان، «إنه مصدر قلق، لأنه إذا استمر في الانتشار فستكون له تداعياته».وأبلغ الرئيس أن إدارته «تبذل جهدا كبيرا لمعرفة ما ستفعله، وما هو اللقاح الذي ربما يكون متاحا للتصدي له» وأكد أن تفشي المرض «يجب أن يكون مصدر قلق للجميع».
وفي لندن، قالت كبيرة المستشارين الطبيين في وكالة الأمن الصحي، سوزان هوبكنز، إن المملكة المتحدة تسجل إصابات يومية جديدة بجدري القرود، وهي مسألة تقول الحكومة إنها تأخذها «على محمل الجد».وأوضحت هوبكنز أنه تم تسجيل 20 إصابة في الأسبوع الماضي، وسيتم نشر حصيلة جديدة اليوم تتضمن «أرقام نهاية الأسبوع».وأشارت إلى أن «الغالبية العظمى من الإصابات المسجلة حتى الآن في المملكة المتحدة، تتماثل للشفاء من تلقاء نفسها».وأضافت أن جدري القردة «مرض مُعدٍ جديد ينتشر في مجتمعنا» مع «مصابين لم يخالطوا قطّ أي شخص قادم من غرب إفريقيا»، حيث كان المرض موجودًا في السابق.وذكرت أن انتقال العدوى سُجّل «بشكل أساسي لدى الأفراد الذين يعرّفون أنفسهم كمثليين أو ثنائيي جنس أو لدى الرجال الذين مارسوا الجنس مع رجال»، مشيرة إلى أن انتقال العدوى يمكن تفسيره من خلال «الاتصال الوثيق المتكرر الذي قد يمارسونه».ودعت إلى اليقظة لأدنى عارض، مضيفة أن الخطر على السكان بشكل عام «منخفض للغاية».وإذ لا يوجد لقاح ضد جدري القردة الذي لا يتطلب علاجاً، إلا أنه يمكن إعطاء لقاح الجدري لحماية المخالطين، بحسب هوبكنز. وقال وزير التعليم نديم الزهاوي، لـ «بي بي سي»، إن الحكومة تتعامل مع الأمر بـ «جدية بالغة» وأن المملكة المتحدة بدأت في شراء جرعات من لقاح الجدري.
إصابات حول العالم
من ناحيتها، أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية رصد أول إصابة مؤكدة بالفيروس في البلاد منذ 2018. كما أعلنت هيئة الصحة العامة في اليونان رصد أول إصابة لدى سائح إنكليزي. وأكدت السلطات في ولاية نيويورك تسجيل إصابة، هي الأولى في الولاية والثانية في الولايات المتحدة خلال هذا العام. وسجّلت العاصمة النمساوية فيينا أول حالة يشتبه بها، وهي لرجل (35 عاما). وأمس الأول حذرت النرويج من بؤرة تفشٍّ في العاصمة أوسلو، كما أعلنت كندا، أمس، تسجيل 6 اصابات 5 في مونتريال وواحدة في تورنتو.«الصحة العالمية»
وأكد رئيس المجموعة الاستشارية الاستراتيجية والتقنية لمنظمة الصحة العالمية، ديفيد هيمان، أن المفهوم العملي لمنظمة الصحة المعتمد على الإصابات التي تم تسجيلها حتى الآن هو أن التفشي الحالي ناجم عن «الاتصال الجنسي».وأوضح أن الاختلاط المباشر هو الوسيلة الرئيسية لانتقال الفيروس، لأن الطفح الجلدي المصاحب عادة للمرض مُعدٍ للغاية. وعلى سبيل المثال، يكون الآباء والأمهات الذين يعتنون بأطفال مرضى معرّضين للخطر، وكذلك العاملون الصحيون، وهذا هو السبب في أن بعض الدول بدأت في تطعيم الفرق التي تعالج مرضى جدري القرود» باستخدام لقاحات الجدري.وقال هيمان إنه تم الإبلاغ عن 92 حالة مؤكدة و28 حالة يشتبه بإصابتها من 12 دولة عضو لا يتوطن فيها الفيروس، مضيفاً أن المنظمة الأممية ستقدم مزيدا من الإرشادات والتوصيات في الأيام المقبلة للدول حول إجراءات كيفية الحد من انتشاره.وينتشر هذا المرض من خلال الاحتكاك المباشر، وهو ما يعني أنه يمكن احتواؤه بسهولة من خلال تدابير، مثل العزل الذاتي والنظافة فور تشخيص أي إصابة جديدة.ويركز العلماء جهودهم لكشف كل المعلومات المتعلقة بالفيروس، مما يسهل مواجهته، ولعل أبرز تلك المعلومات، هي المدة التي يبقى الشخص المصاب فيها «معديا».ويعاني الأشخاص الذين يصابون بالفيروس في البداية الحمّى، قبل ظهور الطفح الجلدي على الوجه والجسم. وتشمل الأعراض كذلك الصداع وآلام العضلات وآلام الظهر والقشعريرة والإرهاق.ويمكن بعد ذلك أن ينتقل «جدري القرود» من خلال لمس المناطق المصابة، أو عن طريق الرذاذ المتطاير أثناء السعال والعطس. وأكد خبير الأمراض المعدية الناشئة في جامعة جون هوبكنز الأميركية، أميش أدالغا، لصحيفة ديلي ميل البريطانية، أن «المصاب قادر على نقل المرض لمدة تصل إلى 4 أسابيع بعد ظهور الأعراض»، وأوضح أن السبب وراء طول المدة، هو أن «الآفات الجلدية قد تستغرق بضعة أسابيع حتى تختفي»، مؤكدا أن «الناس يعدون حتى تختفي آفاتهم الجلدية النشيطة».يأتي ذلك بالتزامن مع اجتماع للدول الأعضاء الـ194 في منظمة الصحة العالمية بجنيف للبحث في سبل بناء نظام صحي عالمي فعّال وعادل أكثر في ظلّ التداعيات العالمية للحرب في أوكرانيا وجائحة كوفيد -19 التي لا يبدو أنها ستنتهي قريبًا.ويُتوقّع أن يتمّ التجديد للمدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس غيبرييسوس لـ 5 سنوات إضافية، المدعوم من دول نافذة. وستبحث الجمعية موازنة التمويل المستدام للمنظمة، أحد أكثر المواضيع دقّة وصعوبة. ولا تتمتّع منظمة الصحة العالمية إلا بميزانية نحو 6 مليارات دولار لكل عاميْن.كما ستنظر في تجديد اللوائح الصحية الدولية للتمكين من الاستجابة بسرعة وفعالية أكبر لحالات الطوارئ الصحية.وسيكون واجبا عليها أيضا اتخاذ قرار بشأن إنشاء لجنة دائمة للطوارئ وتفعيلها بغضون 24 ساعة في حالة طوارئ صحية دولية، أي في حالة أعلى مستوى من التأهب لمنظمة الصحة. في المقابل، أُطلق العمل على اتفاق دولي جديد حول الصحة العالمية، والذي يجب أن يكون ملزمًا لمؤيديه، على أن يُكمّل اللوائح الصحية الدولية. وشُكّلت مجموعة تفاوض حكومية في ديسمبر للعمل على الاتفاق.وبحسب "ديلي ميل"، أصبحت بلجيكا أول دولة تطبق الحجر الصحي الإجباري لمدة 21 يوما ضد جدري القرود. وقالت السلطات الصحية البلجيكية إن أولئك الذين أصيبوا بالفيروس سيضطرون الآن إلى عزل أنفسهم لمدة ثلاثة أسابيع، بعد تسجيل ثلاث حالات في البلاد مرتبطة جميعها بمهرجان في مدينة أنتويرب الساحلية الجمعة الماضي.
«الصحة العالمية» تتوقّع ارتفاع الإصابات وتدعو إلى سلسلة إجراءات