«زاينده رود»… جفّفه الزمن والحكومة!
يتفيّأ جلال مير أحمدي بالأشجار على ضفة زاينده رود، مستعيداً ذكرياته قرب نهر كان شريان حياة دائماً لأصفهان، لكن بفعل استثمار مياهه والجفاف، بات جريانه مشهداً نادراً في المدينة التاريخية وسط إيران.ويقول مير أحمدي، وهو ينظر نحو مجرى النهر تحت أشعة شمس لاذعة: "أتذكر عندما كنت طفلاً، كان الناس يأتون إلى هنا، كان النهر مليئاً بالمياه ويجري بشكل دائم".ويضيف الخبّاز (67 عاماً)، ويبرز في وجهه الدائري شاربان غزاهما الشيب: "لم يبق لنا سوى الذكريات من تلك الأيام الجميلة".
برفقة اثنين من أصدقائه، يتأمل مير أحمدي جمعاً من الأشخاص على جسر خواجو (تُلفظ خاجو)، أحد الجسور الأثرية على المجرى المائي الأطول بوسط الجمهورية الإسلامية، والممتد لمسافة 400 كلم من جبال زاغروس غرباً إلى بحيرة كاوخوني شرقاً. واقترن زاينده رون بأصفهان منذ القِدَم، ووصفه حافظ الشيرازي، أبرز شعراء اللغة الفارسية الذي عاش حياته في القرن الرابع عشر، بـ "ماء الحياة" للمدينة العابقة بالتاريخ.لكنّ هذه العلاقة بدأت بالتبدل منذ نحو عقدين، مع بدء سكان ثالث كبريات مدن إيران، وعددهم نحو مليونَي شخص، يعتادون جفاف مياه النهر في معظم فترات السّنة.وكانت بداية التبدل مع تحويل مياه النهر إلى مناطق أخرى، خصوصاً محافظة يزد المجاورة، وزادت مع الجفاف الذي يضرب مناطق واسعة في إيران التي تُعرف مناطقها الوسطى والجنوبية بشحّ المياه وقلة المتساقطات.في غياب المياه، تفتقد جسور أثرية على مجرى النهر، مثل خواجو وسي وسه بُل (جسر الثلاثة والثلاثين)، الرونق الذي يجذب السياح إليها.