قد تكون ساحة المعركة في أوكرانيا بعيدة، لكن الحلف الأطلسي يوجه رسالة واضحة إلى روسيا من خلال عرض قوة ينظمه هذا الأسبوع في شرق المتوسط، وتتصدره حاملة الطائرات الأميركية "يو إس إس هاري ترومان".حركة محمومة سُجلت أمس الأول على مدرج حاملة الطائرات الضخمة التي تبحر إلى شمال مدينة بنغازي الليبية، تتابعها عدة وسائل إعلام بينها وكالة "فرانس برس"، دعيت لحضور مناورات "درع نبتون 2022"، وهي تدريبات بدأت في مايو وتمتد حتى 31 منه.
يشرح العميد البحري كورت رينشو "يجب أن نكون على أكبر قدر ممكن من الجاهزية... ننظر إلى القدرات الروسية، وننظر إلى قدراتنا، ثمّ نتدرّب للتصدي لما يمكن أن يقوموا به والدفاع عن أنفسنا، وعن شركائنا وحلفائنا".وتشارك دول كثيرة في هذه التدريبات ضمنها معظم دول الحلف الأطلسي، مثل بريطانيا وإسبانيا وفرنسا وتركيا وألمانيا وبولندا ورومانيا وإيطاليا.وإذ أكد الطيار البريطاني، روري تشاين، المشارك في المناورات على متن حاملة الطائرات، إن العملية "كان مخطّطاً لها قبل وقت طويل" من الغزو الروسي لأوكرانيا، فإنه أقرّ أن "طبيعة أنشطة الإنذار المعزّز هذه أُعيد إدراجها في سياق مختلف".وأوضح "نحن هنا للعمل يداً بيد مع حلفائنا، ولنكون جاهزين لمواجهة أي احتمال".وحين سأله صحافي عن قدرات الحلف الرادعة في الظروف الحالية، رد رينشو "انظروا إلى طائراتنا الحربية، انظروا من حولكم! من المؤكد أن هذا له تأثير رادع، وأعتقد أنه لن يكون من الحكمة لأي كان أن يهاجمنا أو يهاجم أحد حلفائنا مع ما لدينا من قدرات".وأوضح فيما يتعلق بالقوات الروسية "إننا نراقبها عن كثب، بما في ذلك غواصاتها والمواقع التي تقوم فيها بمهمات"، معتبرا أن "الهجوم غير المبرر على دولة أوروبية مجاورة... سلوك مثير للقلق".وتنشر عملية "درع نبتون 2022" قوات في البحر المتوسط، كما في بحر البلطيق، الذي يشهد توترا منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا. وأوضح الحلف الأطلسي، في بيان، أن الهدف تعزيز "اندماج القدرات البحرية (للحلف) بشكل سلس من أجل مساندة قدراته الرادعة والدفاعية".وحاملة الطائرات "يو إس إس هاري ترومان" أشبه بمدينة عائمة تؤوي نحو 4800 عسكري، بينهم عناصر جيوش حليفة، ما يطرح تحديا على صعيد التواصل بين مجموعات تتكلم لغات مختلفة، وتأتمر لقيادات مختلفة.من ناحية اخرى، ألمح سيرغي شويغو وزير الدفاع الروسي رئيس مجلس الأمن القومي النافذ أمس إلى أنه قد يتعين على موسكو القتال لفترة أطول في أوكرانيا، لتحقيق أهداف هجومها الذي دخل شهره الرابع.وقال شويغو، خلال اجتماع عبر الفيديو مع نظرائه في دول كانت منضوية في الاتحاد السوفياتي السابق، وبث التلفزيون مقاطع منه، "سنواصل العملية العسكرية الخاصة حتى تتحقق جميع الأهداف، بغض النظر عن المساعدات الغربية الضخمة لنظام كييف وضغط العقوبات غير المسبوق"، مؤكدا أن الجهود الروسية لتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين "تؤدي بالطبع إلى إبطاء وتيرة الهجوم، لكن هذا الأمر متعمد".ويأتي التصريح بعد نشر مقابلة نادرة أجرتها صحيفة "أرغومينتي أي فاكتي" الأسبوعية مع رئيس مجلس الأمن القومي نيكولاي باتروشيف، قال فيها إن روسيا لا تسابق الزمن في عمليتها العسكرية، وان الحرب ستستمر طالما دعت الحاجة إلى ذلك، مضيفا: "نحن لا نهتم بالتفاصيل... الأهداف التي حددها الرئيس (فلاديمير بوتين) ستتحقق. لا يمكن أن يكون الأمر خلاف ذلك، الحقيقة إلى جانبنا".أما نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديميتري ميدفيديف فقد قال، حسبما نقلت وكالة تاس الروسية، إن "دونباس لن تعود إلى أوكرانيا".ومنذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير تمكنت كييف بمساعدة من دول الغرب من التصدي لتقدم قوات جارتها في العديد من المناطق، ومنها العاصمة كييف، غير أن روسيا تركز الآن على تأمين وتوسيع مكاسبها في دونباس والساحل الشرقي الأوكراني.ورغم القتال العنيف المستمر منذ ثلاثة أشهر، ووقوع خسائر فادحة من الجانبين، لا يتقدم الجيش الروسي إلا بصعوبة بالغة، مما يشير إلى حرب استنزاف طويلة.وتتمثل الأهداف المعلنة للكرملين في "اجتثاث النازية" من أوكرانيا، وتأمين المناطق الشرقية التي يتحدث معظم سكانها اللغة الروسية، وتتهم موسكو السلطات الأوكرانية بارتكاب إبادة جماعية مزعومة هناك.وعلى الأرض، اعترفت كييف بأن "الوضع يزداد صعوبة" في دونباس، حيث تقصف موسكو مدينة سيفيرودونيتسك في إقليم لوغانسك بشكل متواصل، وتواجه سيفيرودونتسك المصير ذاته الذي حل بماريوبول التي تحولت إلى خراب بعد حصار دام أسابيع عدة، حيث باتت أحياء كاملة مجرد حطام وركام، بينما المباني المتبقية تشهد على القصف المكثف بالصواريخ والقذائف.
دوليات
عرض قوة لـ «الناتو» شرق المتوسط
25-05-2022