هل تتذكرون صبيحة يوم 22 مايو 1990؟
![حمزة عليان](https://www.aljarida.com/uploads/authors/249_1666551729.jpg)
لننظر ماذا جرى لهذا البلد من فرقة وتمزق وحرب امتدت سبع سنوات، قد تكون مناسبة الوحدة مدخلاً للمقارنة عن حسن البدايات وسوء النهايات. كانت لحظة تاريخية والحديث فيها ينصب باتجاه البناء وعمليات الدمج والتوحيد التي تتطلب جهوداً مضنية ومتواصلة، والمهمة ليست سهلة لأن "التطبيع" القائم بين الشطرين يتجاوز مسائل وحدة الشعب والأرض والمصير، وهذا لم يكن عليه خلاف، لكن المسألة تتعلق بوجود نظامين متباينين في التوجهات السياسية والاقتصادية. نتذكر كيف التأم شمل اليمنيين، فرؤية اليمن موحدا حلم تحوّل إلى واقع بعد أكثر من 150 سنة من التقسيم على يد الإنكليز ومشهد الإعلان عن ولادة "جمهورية اليمن" كما رأيته، عام 1990، جاء بعد تضحيات مريرة دفع خلالها الشعب فاتورة الانفصال التي كانت على حساب مستقبله الاقتصادي والاجتماعي. يومها كان الخطاب السائد "إننا دولة واحدة، ولنا علم واحد، واسم واحد، ومصيرنا واحد"، ولا نقبل لغة "المثنى" التي أسسها سيبويه في علم النحو، ونفضل عليها لغة "المفرد"، لقد حقق اليمنيون الوحدة بعد تسعة عشر لقاء قمة من 1972 إلى 1990، وفي دولة عدد سكانها في حينه 12 مليون نسمة وصل اليوم إلى 30 مليون تقريباً، فيها أربعة موانئ رئيسة وأربعة مطارات. تذكرت وطني يوم كانت الليرة اللبنانية تلمع ذهباً والمدن تموج بزوارها والبلد ينعم بشيء من الاستقرار، واليوم عندما نسترجع ذكرياتنا نتوجع ألماً، ففي كل زاوية من زوايا بيروت لنا قصة وحكاية، وأينما اتجهت سواء إلى الجنوب أو الجبل أو إلى مبنى الجريدة التي كنت أعمل فيها أو الجامعة الجامعة التي درست فيها، لبنان كان "سويسرا الشرق" تحول اليوم إلى "وباء" ابتعد أهله عنه، ولم يعد يشبهنا، فصرنا غرباء عنه، نحاول ألا نفترق مهما قسا علينا الزمان ودار دورته لينتج لنا "منظومة فساد" دمرت كل ما هو جدير بالحياة. ماذا يجمعنا اليوم، نحن جيل الخمسينيات والستينيات؟ كنا نحلم بوحدة اليمن كبلد واحد، وإذ بنا نترحم على تلك الأيام، كنا نحلم بوطن يحفظ كرامتنا ومستقبلنا وإذ بنا أمام "دكاكين" تبيع باللحم الحي كرامات أبنائها، كنا نحلم بالتنقل بين دولنا العربية فصار التعامل معنا اليوم كالوباء المعدي الكل يتجنبه ويبتعد عنه، كنا نحلم بصحافة حرة وأقلام صحافية حرة، ومستشارين أحرار، وشعراء لهم أصوات حرة ونواب عندهم ضمير، يحبون بلدهم، ويخافون ربهم، صرنا اليوم يتامى نمشي جنب الحيط (الطوفة) ونقول يارب السترة!