نقطة : سكارى في حب الوطن
بعيداً عن الأسباب المعلنة للتجمع الأخير في ساحة الإرادة، وعن تشتت دوافع المتجمعين وتناقضها أحياناً، يظل هناك أمران يمكن ملاحظتهما والاستفادة منهما لبناء أي تحالف أو تكوين موقف أو رأي سياسي أو اجتماعي في القضايا المستقبلية القادمة.في المقام الأول، ورغم حملات التشويه والتشويش على التجمع، اتضح أنه لا توجد مشكلة اجتماعية حقيقية أو عميقة لدى الناس مع تشويه السمعة بالاحتساء وعلو المزاج كما يدعون دائماً، مما انعكس على الاستجابة للدعوة وكثافة الحضور النسبي، وأن النظرة الاجتماعية ليست بهذا السوء المتخيل والمزعوم، فالناس يسافرون حول العالم بسهولة، وتراكمت لديهم معارف وخبرات عن كيفية العيش وسط بيئة تسمح بذلك، كما أنهم يدركون في قرارة أنفسهم أن كتابة دستور الكويت وأغلب الإنجازات التي يفاخرون بها، أو أيام الطيبين التي يجترون التمنيات بعودتها، قد كانت أو تأسس لها على الأقل في عصر الانفتاح والحريات حين كانت الحياة والتصرفات الشخصية لا تعني إلا صاحبها فقط، ولا تتخذ كوسيلة للوصم والتصنيف وإطلاق الأحكام توطئةً للنبذ والانتقاص.
الأمر الآخر المستفاد هو اتضاح أن تأثير العلمانيين لا يقل، إن لم يفُق، تأثير الإسلاميين، فالناس علمانيون بطبيعتهم رغم انتشار رموز الدين ومظاهر التدين، وهذا التجمع انطلق على يد شخصية وطنية علمانية، انفرد خارج السرب وحقق كل هذا التأثير والحضور رغم كل شيء، مما يمكن القول معه بأن شعبية الإسلاميين ليست إلا شعبية إعلامية مصطنعة في وسائل التواصل وليست بالحجم المزعوم، وما فشل الكثير من ممثلي السلف وبعض الإخوان بالانتخابات الأخيرة إلا مثال آخر، لكنهم يعولون في أنشطتهم الاجتماعية والسياسية على تكبير عقدة الذنب واللعب على تأنيب الضمائر والتخويف من الآخرة، مستغلين في ذلك جهل عوام الناس بالأحكام الفقهية واختلافاتها المعتبرة، فيدفعون بهم للتكفير عما يظنونه ذنوباً بالتصويت لهم، رغم أنها ليست ذنوباً غالباً ولا التصويت للإسلاميين يكفرها، وهذا ما يريدونه أن يستمر كي يستمروا هم في المقابل في السيطرة عليهم إلى ما لا نهاية، لذا لزم التنويه، والسلام عليكم.