كارثة غذائية قادمة
يشهد العالم حالياً ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار المواد الاستهلاكية والسلع الغذائية الأساسية بصورة لم يشهدها منذ سنوات طويلة، وقد يكون العام المقبل 2023 من أسوأ الأعوام في التاريخ الحديث، حيث وصلت أسعار بعض السلع إلى أرقام قياسية، وهو ما سيؤثر تأثيراً مباشراً في الدول النامية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.ولعل من أبرز الأسباب التي جعلت أسعار هذه السلع تصل إلى مستويات قياسية هو زيادة الطلب على السلع الاستهلاكية خلال جائحة (كوفيد19)، مما أدى إلى اختناقات كبيرة في الإمدادات حول العالم، الأمر الذي أثر في توافر سفن الحاويات وصناديق نقل البضائع، إلى جانب ازدياد تكاليف الشحن البحري، وما شهده العام الحالي من آثار اقتصادية؛ بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، التي أثرت بشدة في أسواق الغذاء والطاقة والأسواق المالية، ورفعت معدل التضحم العالمي؛ لأن الشحن البحري يعد من أهم أنواع الشحن، وهو يمثل 90 في المئة من تجارة البضائع العالمية، التي تتحرك عبر المياه الدولية، وكانت قيمة هذه البضائع تقدر بنحو 11.1 تريليون دولار سنوياً حتى 2019، ويتم نقلها عبر المحيطات من الدول المصدرة إلى المستوردة والعكس صحيح، أما الـ10% المتبقية فتنقل عبر الشحن الجوي أو البري.
وبناء على ما سبق، فإن العالم قد يكون مقبلاً على أزمة وكارثة غذائية خانقة، وإذا لم تتخذ إجراءات لمواجهة ذلك ومعالجة الاضطرابات، التي ستنجم عن ارتفاع أسعار شحن الإمدادات وقيود الموانئ، وإيجاد حلول للمشاكل التي نتجت عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، فإن ذلك سيؤدي إلى استمرار وتصاعد هذه الأزمة، وسيواجه العالم العربي خلال الفترة القادمة المزيد من الأزمات على صعيد ارتفاع الأسعار وعدم توفير الأغذية والموارد التي تدعم أمنه الغذائي والمالي، وتتفاقم مشكلة الجوع والفقر في الدول المستهلكة التي تعتمد على غيرها من الدول لسد حاجتها من هذه المواد والسلع.