بين القطاعين العام والخاص
تصريح وزير التجارة والصناعة فهد الشريعان حول الخصخصة يجب ألا يمر مرور الكرام على مسامع الاقتصاديين المختصين وأخص الجمعية الاقتصادية الكويتية، فعليهم أن يدلوا برأيهم بما يناسب خطورة تصريح الوزير على مستقبل المواطنين ورفاهيتهم، كما على نواب البرلمان مسؤولية الدفاع عن دور القطاع العام وصونه من تغول واحتكار القطاع الخاص إن سمحت الحكومة بمرور قطار الخصخصة بلا ضوابط أو رقابة.الوزير يحصر دور الحكومة بالتنظيم فقط، وأشرح لسيادته أن التنظيم الذي يقصده هو توفير الأمن الداخلي والخارجي ومرفق القضاء، لكن الدولة مسؤولياتها أوسع من ذلك، فحقوق المواطن وأمنه الوظيفي واستقرار معيشته أمانة بيد الدولة ومؤسساتها، ويخشى بالتخلي عنها تحت سياط وتقلبات السوق الحر التي يمثلها القطاع الخاص. يقرر الوزير أن القطاع الخاص الحل الأمثل لزيادة الدخل، وهذه معلومة ينقصها التوضيح، فالقطاع الخاص مبدأه ومنتهاه البحث عن الربح ونمائه بأسرع وأيسر طريق، دون أن تدخل الأخلاق والقِيم في قراراته، القطاع الخاص أشبه بالآلة الصماء التي تطبع النقود، هذه وظيفته وبغيرها يفقد سمته ووسمه.يقول الوزير إن القطاع الخاص سيخفض عبء المصروفات على الموازنة العامة ويخلق فرص عمل جديدة، ونقول له إن القطاع الخاص يستغل كرم وسخاء الحكومة، فالأراضي تؤجر له بسعر بخس مع توفير طاقة الكهرباء والماء بسعر مدعوم مع تقديم «دعم العمالة» لموظفيه الكويتيين، وتتعهد بإسناد المناقصات والمقاولات لمشاريعه وإعفائه من الضرائب والجمارك، وما على القطاع الخاص سوى الإعلان في نهاية كل عام عن أرباحه المليونية التي تضاف لدخل ملاكه ورفع أسعار أسهم شركاتهم بالبورصة، فأي وهم وأي وعد بزيادة الدخل وتنويع المصادر؟ قطاعنا الخاص ليس كالقطاعات الخاصة في الدول المتقدمة، فما هو إلا وكالات تجارية وموزعون للسلع الاستهلاكية، ولو ألقى الوزير نظرة على ما يعرف بالمناطق الصناعية لعلِم أنها ليست سوى كراجات وورش تصليح يعمل فيها فنيون ذوو خبرة، لا أصحاب شهادات وتخصص، لا صناعات ثقيلة ولا مصانع متطورة ولا شركات ومعاهد عالمية تبتكر وتخترع وتنافس، بل صناعات تقليدية تغطي حاجات السوق المحلية فقط.
القطاع الخاص له مبادئه، فعند بوادر الخسارة يستغني عن موظفيه وعماله بكل أريحية، دون التفكير بضمان معيشتهم ومتطلبات أُسَرهم، أو يتجه لزيادة ساعات العمل الإضافية بلا مقابل مادي، أو التهديد بخفض الرواتب وإلغاء الامتيازات، فالقرارات بيد مجلس الإدارة (الملاك) ولا يحق للدولة التدخل حينها.القطاع الخاص يتعامل مع الموظف كقوة عمل مستأجَرة ويتعامل مع المواطن كمستهلك للسلعة دون مراعاة لظروفه المادية والاجتماعية.