طمأن رئيس مجلس إدارة الاتحاد الكويتي للأغذية، عبدالله البعيجان، المواطنين والمقيمين أن العرض المرئي الذي قدمته وزارة التجارة والصناعة أمام مجلس الوزراء يؤكد بكل وضوح توفير الشحنات والكميات اللازمة من المواد الغذائية الأساسية على النحو المتفق عليه مع الدول المصدرة، وأن المخزون الاستراتيجي، بناء على تلك الاتفاقيات، يضمن تدفق السلع التموينية الأساسية حتى الربع الأول من 2023، خصوصا أن للكويت تعاقدات قوية وجيدة من أطراف تضمن توفير احتياجاتها من السلع الأساسية.

وأضاف خلال، المؤتمر الصحافي، الذي عقده في مقر الاتحاد بحضور نائب رئيسه عزارة الحسيني، وعضو مجلس الإدارة حبيب المناور، والمدير العام للاتحاد سالم الرشيدي، أن الكويت دولة غنية وقادرة على التغلب على مشكلة ارتفاع الأسعار، مؤكداً أن من يملك المال والسيولة قادر على المقايضة التجارية، أما من لا يملك فهو الذي سيواجه المشاكل والأزمات المستقبلية.

Ad

وقال إن الحكومة الكويتية اتخذت عدداً من الإجراءات العاجلة لمواجهة الارتفاع المتسارع في أسعار المنتجات والمواد الغذائية، وكذلك مواجهة النقص الحاد في الإمدادات بعد اتخاذ عدد من الدول المصدرة قرارات بإيقاف تصدير السلع للخارج، مستبشراً بالخطط والخطوات التي وضعتها الحكومة لتخفيف تداعيات الأزمة العالمية.

وأضاف أن مجلس الوزراء شكل مؤخراً لجنة تضم كلا من وزارتي التجارة والصناعة والمالية، وعدد من الجهات والهيئات ذات العلاقة، لبحث قضية الأمن الغذائي وارتفاع الأسعار، وكيفية التعامل مع المستجدات في هذا المجال.

وقال البعيجان إن "العالم مر في نهاية 2019 بأزمة "كورونا"، التي أدت إلى شلل الكثير من الأنشطة الاقتصادية والمصانع، والتأثير على عمليات الإنتاج والمخزون حول العالم، حيث تبع تلك الجائحة أزمة في سلاسل النقل، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني بعد توقف حركة النقل، وارتفاع تكلفة شحن الحاويات من 1500 إلى 12000 دولار للواحدة".

وتابع أن "ما زاد من تلك الانتكاسة الحرب الروسية-الأوكرانية التي رفعت أزمة إمدادات الكثير من المواد الأولية والأساسية التي تدخل في الإنتاج الصناعي والزراعي والحيواني"، مدللاً على كلامه بإحدى الشركات الأميركية التي كانت تمتلك أكثر من 12 مصنعاً غذائياً في أوكرانيا، والتي أغلقت أبوابها بالكامل بعد اندلاع الحرب هناك.

إمدادات غذائية

وأكد البعيجان أن الأزمة الحالية أزمة إمدادات غذائية بالدرجة الأولى لا أزمة أسعار، مشيراً إلى أن الدول الغنية التي لديها وفرة مالية قادرة على شراء ما تحتاج إليه من أدوية وأغذية وغيرها، لكن المشكلة تكمن في كيفية توفير تلك المنتجات بعد أن أوقفت بعض دول العالم تصدير منتجاتها للخارج.

ولفت إلى أن روسيا وأوكرانيا أوقفتا تصدير الكثير من المنتجات، فيما أوقفت ماليزيا تصدير الزيوت النباتية، وأوقفت الهند تصدير الأرز، في الوقت الذي وضعت دولاً أخرى عقبات وقيودا أمام تصدير منتجات غذائية إلى خارج أراضيها، منوها إلى أن الأسوأ في أزمة شح الإمدادات.

على ذات الصعيد، أوضح البعيجان أن المشكلة الأساسية في الكويت هي توقف عملية التنمية خلال السنوات الماضية، الأمر الذي نتج عنه اختلالات واضحة في قدرتها على التعامل مع هذا النوع من الأزمات، مدللاً على كلامه بالقول ان "آخر منطقة صناعية خصصت للمواد الغذائية تم توزيعها قبل 53 عاماً، ولم يتم بعدها استصلاح أي منطقة صناعية أخرى، خصوصا للصناعات الغذائية، ما أدى إلى تعطل الصناعات التحويلية في هذا القطاع".

وزاد على ذلك بقوله إن "الأمر لم يتوقف عند ذلك الحد فحسب، حيث تعاني الكويت أزمة مخازن، إذ تم تخصيص منطقتي الشويخ والري في الستينيات، ومنذ ذلك اليوم لم يتم تخصيص أي مناطق تخزين جديدة، حتى أصبح لدينا لاعب واحد في قطاع المخازن يتحكم في الأسعار والمساحات".

أما على صعيد المنافذ البحرية والبرية، فقد أشار البعيجان إلى أن الكويت تعاني وجود منافذ بحرية وبرية متهالكة، ولا تواكب أي تطور عالمي، مع أسعار غير مسبوقة فيما يتعلق بتخليص البضائع والمواد الغذائية، وأجور المناولة داخل الموانئ والمنافذ، ما أثر سلباً على أسعار السلع والمنتجات المستوردة.

وتطرق البعيجان إلى مشكلة أخرى ألا وهي الممارسات الضارة التي تتبعها منافذ البيع بالجمعيات التعاونية التي تتبع ممارسات اقتصادية غير صحية وضارة بالأسعار، سواء فيما يتعلق بالبضائع المجانية والتأخير في دفع مستحقات التجار، وتحصيل رسوم باهظة مقابل تأجير أرفف الجمعيات، فضلا عن سياسة "المرتجعات"، وجميعها عبارة عن ممارسات ضارة تنعكس آثارها السلبية على السعر النهائي للسلع التي تقدم للمستهلك.

لسنا رجال إطفاء

وحول أهم مطالب تجار الأغذية من الحكومة، قال البعيجان "إننا طلبنا من الحكومة ألا تعاملنا كرجال إطفاء، بمعنى أن دورنا يجب ألا يكون مجرد إطفاء حرائق، حيث إننا نرغب في خلق تنمية بالكويت، لنكون مستعدين لمثل هذه الأزمات في القادم من الأيام، وأن يكون لدينا مخزون استراتيجي ومخازن كافية وصناعة غذائية جيدة تغطي الحاجات الأساسية".

ورشة العمل

بدوره، قال الحسيني، إن ورشة العمل التي أقامتها الحكومة برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية وزير التجارة، ووزير المالية، ووزير الأشغال طمأنت المواطنين بأن المخزون الحالي مطمئن، ومواكب للاحداث الحالية، وبالتالي فلا داعي للقلق والإرباك، وحالات الهلع التي يعيشها البعض حالياً، خصوصا أن الجهات المعنية بالكويت قامت بدعم مباشر وواضح للمخزون والأمن الغذائي.

وناشد الحسيني الحكومة بضرورة التصدي، ومواجهة كل من يحاول بث الرعب في نفوس المواطنين والمقيمين من خلال الإدلاء بتصريحات غير مسؤولة حول المخزون الغذائي، مشيراً إلى أن "كل من يصدر تصريحا مرعبا وغير مسؤول كمن يعبث بأمن الوطن".

وقال إن "هناك شروطاً لتخزين المواد والسلع الغذائية، كما أن هناك تاريخ صلاحية لكل منتج، ومواصفات معينة للتخزين، وبالتالي فإن الدعوة لتخزين السلع لدى المواطنين لا تعدو كونها دعوة لإحداث ربكة في السوق، وخلق سوق سوداء، وعمليات تهريب جمركي، في حين أن الوضع غير مرعب، وأن المخزون الاستراتيجي الحالي يلبي الاحتياجات الاساسية للدولة مدة طويلة، بحسب تصريحات المسؤولين".

أما فيما يتعلق بتوفر الدواجن والبيض، فقد أكد الحسيني عدم وجود نقص في الدواجن التي تعاني حالياً ارتفاعا في أسعارها بعد ارتفاع أسعار الأعلاف، وكذلك نتيجة للتهافت على الشراء من المواطنين والمقيمين، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن شركات الدواجن الحالية تلبي أكثر من 40 في المئة من حاجة السوق الكويتي، بينما يشهد السوق حالياً فائضاً في البيض يزيد على 140 في المئة من حاجة السوق، كما أن الدولة تعمل حالياً على ضمان زيادة إنتاج الدواجن عن طريق توفير الأعلاف والتحصينات والطواقم اللازمة لذلك.

الحكومة تدرس قرار تثبيت الأسعار خلال أسبوعين

رد البعيجان على سؤال حول قرار تثبيت الأسعار الصادر عن وزارة التجارة والصناعة، أنه لمس وعياً كبيراً من قبل اللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء، ووزارة التجارة والصناعة بشأن قرار تثبيت الأسعار، مشيراً إلى سعي الحكومة لتعديل هذا القرار الذي كان مستحقاً في ظل ظروف جائحة "كورونا"، لكنه أصبح اليوم عائقاً أمام حركة التجارة والاستيراد في الكويت.

وتوقع البعيجان أن تقوم الحكومة بدراسة قرار تثبيت الأسعار بشكل معمق خلال الأسبوعين القادمين، على أن تصدر قرارها في هذا الشأن بعد الانتهاء من دراسته.

جراح الناصر