"حار جاف صيفاً، لطيف معتدل شتاء"، لم تعد العبارة السابقة التي كانت تكرر علينا أيام المدرسة لوصف الطقس بالكويت صادقة، الكويت اليوم جحيم ملتهب يلتحف بغبار أحمر صيفاً في الكثير من أيامها... أما الشتاء فهو تقريباً يمر عليها مرور الكرام، ولولا نعمة المكيفات بفضل صدفة الثروة النفطية لأصبح البلد جمرة سقطت من نار جهنم يستحيل الحياة به.من يصدق أنه حتى عام 72 من القرن الماضي كانت درجة الحرارة بمدينة البصرة تقارب درجة الحرارة بجنوب إيطاليا، أي بمعدل 35 درجة مئوية... اليوم البصرة والعراق كله، وحتى مناطق شاسعة من الشرق الأوسط، تعاني من تغير الطقس والاحتباس الحراري، فمياه الأنهار كدجلة والفرات وشط العرب تكاد تضحى مستنقعات راكدة بفضل السدود التي شيدت في دول المنبع كتركيا وإيران، هذا غير إجرام الطغاة مثل صدام حسين الذي جفف مناطق الأهوار في الجنوب العراقي.
ترتفع درجة الحرارة بمعدل ضعفي المتوسط العالمي في منطقة الشرق الأوسط التي تبتلعها الصحاري، وبحلول عام 2050 ستزيد درجة الحرارة أربع درجات مئوية، بينما المعدل العالمي الذي يمكن تحمله لا يزيد على درجة ونصف الدرجة (شهرية فورن بوليسي). حالة الاحتباس الحراري تزيد أربع مرات في الشرق الأوسط عن نظيرها في العالم، ووصفت مجلة الإيكونوميست في 19 مايو الجاري حالة غرف الطوارئ بالمستشفيات العراقية بالمزرية، بعد أن امتلأت بالمرضى المصابين بضيق التنفس، وأغلقت المدارس والمطارات وعطلت الموانئ بسبب الغبار الأحمر...الأثرياء يمكنهم الهروب من هذا الجحيم إما بالسفر للخارج أو التنعم بالمكاتب والمنازل المكيفة، لكن ماذا عن الأغلبية الفقيرة؟ ماذا تفعل وكم تعاني...؟ الله أعلم.هناك رأي راجح يقرر أن تغير الطقس كان وراء انتفاضة الربيع العربي، بعد أن سقطت المنطقة في بحر الجفاف، التساؤل المشروع اليوم هو لماذا لا تتداعى دول المنطقة ـــ دول الخليج مع العراق وسورية وإيران وتركيا وبقية الدول المتأثرة ــــ لمؤتمر إقليمي تبحث فيه عن حلول لهذه الكارثة؟ وهي مناسبة أيضاً كي يطرح المؤتمرون قضاياهم وخلافاتهم المزمنة، يا ليت وزارة الخارجية هنا تتحرك لتأخذ زمام المبادرة بالدعوة لهذا المؤتمر في الكويت، فرصة ربما تنقذ المنطقة من سعير الحروب والجفاف اللذين لن يرحما أحداً.
أخر كلام
لو تتحرك وزارة الخارجية
29-05-2022