قال تقرير أسواق النقد الصادر عن بنك الكويت الوطني، إن الاقتصادات العالمية شهدت تزايد معدلات التضخم بصورة متواصلة منذ أواخر عام 2020 في أعقاب تفشي جائحة كوفيد 19.

ووفق التقرير، ومع انحسار المرض، شهدت الأسعار نمواً مطرداً في فبراير على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.

Ad

في التفاصيل، تعتبر روسيا ثاني أكبر منتج للنفط في العالم ومصدراً رئيسياً للغاز والألمنيوم، في حين تعتبر أوكرانيا من المصادر الرئيسية للقمح في العالم، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية في أوروبا.

إضافة إلى ذلك، دخلت الصين الآن في شهرها الثاني من تطبيق عمليات الإغلاق المشددة لاحتواء تفشي فيروس كوفيد 19 مما أدى إلى اختناق سلاسل التوريد العالمية. وفي الوقت الحالي، ستظل حالة عدم اليقين المتعلقة بالأسعار، وقيود العرض، وعدم اتضاح الرؤية فيما يتعلق بانتهاء الصراع الروسي الأوكراني، تهدد التعافي الاقتصادي بعد الجائحة.

وعلى الجانب الإيجابي، ساهم محضر اجتماع الاحتياطي الفدرالي الأسبوع الماضي ونشر بيانات مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي في تهدئة المخاوف تجاه ارتفاع أسعار الفائدة، إذ سجلت الأسهم العالمية أول مكاسب أسبوعية لها بعد سبعة أسابيع متتالية من التراجع.

وفقد الدولار الأميركي 1.32 في المئة من قيمته الأسبوع الماضي، مما ساهم في صعود قيمة اليورو والجنيه الإسترليني فوق مستوى 1.07 و1.26 على التوالي. وفي ذات الوقت، تلقت عملات الملاذ الآمن مثل الين الياباني والفرنك السويسري دعماً قوياً مقابل الدولار الأميركي، لتنهي تداولات الأسبوع مرتفعة بنسبة 0.63 في المئة و1.78 في المئة على التوالي.

أما في وول ستريت، استرد مؤشر ستاندرد أند بورز كافة الخسائر التي تكبدها على مدار الأسبوعين الماضيين. وبالانتقال إلى السندات، سجلت عائدات سندات الخزانة لأجل سنتين و10 سنوات أسبوعها الثالث من التراجع.

الاستهلاك الشخصي

وارتفع مؤشر التضخم المفضل للاحتياطي الفدرالي بنسبة 0.2 في المئة فقط في أبريل الماضي، مسجلاً أقل زيادة في عام ونصف.

وبالنظر لأداء العام الماضي، تباطأت وتيرة نمو مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي إلى 6.3 في المئة في أبريل من أعلى مستوياته المسجلة في 40 عاماً بوصوله إلى 6.6 في المئة في مارس الماضي، مما يدل على أول انخفاض يشهده منذ نوفمبر 2020.

وارتفع مقياس آخر للتضخم أضيق نطاقاً والذي يستثني عناصر متقلبة مثل المواد الغذائية والطاقة بمعدل أعلى إلى حد ما بنسبة 0.3 في المئة في أبريل.

لكن الزيادات التي شهدها معدل التضخم الأساسي كانت الأقل منذ الصيف الماضي. وعلى أساس سنوي، تباطأت وتيرة نمو معدل التضخم الأساسي إلى 4.9 في المئة مقابل 5.2 في المئة - فيما يعد ثاني تراجع على التوالي.

وكانت المرة الأخيرة التي تراجع فيها المعدل الأساسي بوتيرة متعاقبة في بداية ظهور الجائحة في عام 2020.

وبالنظر إلى الناتج المحلي الإجمالي، سيتجاوز النمو الاقتصادي للولايات المتحدة 3 في المئة في عام 2022، على الرغم من وصول معدل التضخم إلى ذروته، إلا أنه سيتراجع إلى نحو 2 في المئة بحلول عام 2024، وفقاً لتقديرات مكتب الميزانية بالكونغرس.

وسيكون النمو مدفوعاً بالإنفاق الاستهلاكي والطلب على الخدمات. ومع ذلك، يعتمد التقرير المتفائل على فكرة أن الاحتياطي الفدرالي سيكون قادراً على رفع أسعار الفائدة خلال عامي 2022 و2023 دون دفع الاقتصاد الأميركي إلى الركود.

وذكر مكتب الميزانية بالكونغرس في تقريره: «وفقاً لتوقعات مكتب الميزانية بالكونجرس الأميركي، سيستمر النمو الحالي الذي يشهده الاقتصاد، وسوف ينمو الناتج الاقتصادي بسرعة خلال العام المقبل.

ولتلبية الطلب المتزايد على السلع والخدمات، ترفع الشركات معدلات الاستثمار والتوظيف، وإن كانت اضطرابات العرض تعوق تقدم هذا النمو في عام 2022.»

قطاع الخدمات

واصل النشاط التجاري لأكبر اقتصاد على مستوى أوروبا نموه بفضل الانتعاش القوي بعد الإغلاقات لاسيما عبر قطاع الخدمات.

لكن على الرغم من ذلك، كانت هناك علامات تدل على تراجع الطلب بسبب حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق، وارتفاع الأسعار وقضايا العرض، وهو ما يتضح من إبلاغ الشركات المصنعة عن أكبر انخفاض في الطلبات الجديدة منذ نحو عامين.

وبلغت قراءة مؤشر مديري المشتريات المركب الرئيسي 54.6 في مايو، بتحسن هامشي مقارنة بمستوى 54.3 المسجل في أبريل وسط استمرار الانتعاش القوي لنشاط قطاع الخدمات.

وبالنظر إلى التفاصيل، بلغت قراءة مؤشر مدير المشتريات لقطاع الخدمات 56.3 في مايو، متراجعاً من مستوى 57.6 المسجل في أبريل على الرغم من أنه ما يزال أعلى بكثير من علامة 50 الدالة على النمو.

وفي ذات الوقت، تحسنت قراءة مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي هامشياً هذا الشهر ووصلت إلى 54.7 مقابل 54.6 بنهاية أبريل الماضي.

بنك إنكلترا

خلال الأسبوع الماضي، سعى محافظ بنك إنكلترا أندرو بيلي للدفاع عن نهج البنك الحذر فيما يتعلق بالسياسة النقدية، مشيراً إلى دراسة صانعي السياسة الصورة الأوسع نطاقاً لصدمة التضخم التي يتعرض لها الاقتصاد.

وعلى الرغم من قيام البنك المركزي برفع سعر الفائدة للمرة الرابعة على التوالي، ما زال هناك العديد من التساؤلات عما إذا كان ينبغي أن يتصرف على نحو أكثر تشديداً مع رفع أسعار الفائدة بمعدلات أكبر.

وكانت لجنة السياسة النقدية بالبنك وافقت على رفع سعر الفائدة، لكنها واجهت ثلاثة معارضين بعد أن بلغ معدل التضخم في المملكة المتحدة 9 في المئة في أبريل، وهو المعدل الذي يتوقع له أن يتفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا.

واعترف بيلي بأن بنك إنكلترا لا يمكنه الادعاء بأن لديه «بصيرة هائلة» في الوضع الحالي، لكنه أضاف أنه فيما يتعلق برفع أسعار الفائدة «كان مستعداً للقيام بذلك مرة أخرى بناءً على التقييم الذي نجريه في كل اجتماع من اجتماعاتنا».

لكنه حذر من أن بنك إنكلترا ما يزال يقيم مدى انخفاض التضخم من تلقاء نفسه. وقال بيلي: «نواجه تأثيراً سلبياً شديداً جداً على الدخل الحقيقي بسبب ارتفاع أسعار السلع التي نستوردها ونتوقع أن يؤثر ذلك بشدة على الطلب»، مضيفاً أن هذا جعله يتراجع عن تقديم أي التزامات عامة فيما يتعلق بالمسار المحتمل لأسعار الفائدة.

وأكد أنه «علينا توخي الحذر وعلينا اتخاذ هذه القرارات من اجتماع لآخر، ولهذا السبب لا أريد الإفراط في استخدام التوجهات المستقبلية»، مشيراً إلى أن البنك المركزي يواجه عدداً من المخاطر المتمثلة في «ارتفاع التضخم من جهة وخطر حدوث ركود من جهة أخرى».

«الاحتياطي» النيوزيلندي

رفع البنك المركزي النيوزيلندي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في اجتماعه الثاني على التوالي مع توقع المزيد من الارتفاعات القوية في المستقبل.

وتم رفع معدل النقد الرسمي من 1.5 إلى 2 في المئة كما كان متوقعاً على نطاق واسع.

وفي المستقبل، يتوقع بنك الاحتياطي النيوزيلندي زيادة معدل النقد الرسمي إلى 3.25 في المئة على الأقل هذا العام، على أن يصل إلى ذروته العام القادم عند مستوى 4 في المئة.

وقال بنك الاحتياطي النيوزيلندي: «ما زال من المناسب الاستمرار في تشديد الأوضاع النقدية بوتيرة سريعة للحفاظ على استقرار الأسعار ودعم التوظيف المستدام إلى أقصى حد. وتحرص اللجنة على التزامها بضمان عودة مؤشر تضخم أسعار المستهلكين إلى النطاق المستهدف الذي يتراوح ما بين 1-3 في المئة».

وتعد تلك المرة الأولى التي يقوم فيها البنك المركزي برفع سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس بوتيرة متتالية منذ تقديم معدل النقد الرسمي في عام 1999.

وأضاف أن توقعات استقرار معدلات التضخم «ستكون مؤشراً رئيسياً على نجاح استراتيجية السياسة النقدية الحالية».

محضر «الفدرالي» يفتقر لعنصر المفاجأة

عكس محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي الأميركي المنعقد في 3 - 4 مايو الماضي أصداء الإلحاح الذي ينتهجه رئيسه جيروم بأول لمعالجة التضخم حيث يتضح ذلك من خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده بعد الاجتماع. ونتج عن اجتماع مايو رفع البنك المركزي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية لتتراوح في نطاق 0.75 في المئة -1.0 في المئة، مع الكشف عن خطط للبدء في تقليص حجم الميزانية العمومية البالغة 9 تريليونات دولار والتي تتكون في الغالب من سندات الخزانة والأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري.

وفي وقت ألمح محضر اجتماع «الاحتياطي الفدرالي» إلى تطبيق زيادة مماثلة في المستقبل، أشار أيضاً إلى أن السياسات النقدية قد تضطر إلى تجاوز الموقف «المحايد» الذي لا يكون فيه داعماً أو مقيداً للنمو.

كما أشار إلى التضخم 60 مرة، حيث أعرب الأعضاء عن قلقهم، وبينوا أن الحرب في أوكرانيا وعمليات الإغلاق التي طبقتها الصين لاحتواء تفشي فيروس كوفيد- 19 ستؤدي إلى تفاقم معدلات التضخم.

وعلى الرغم من ذلك، التزم المسؤولون برفع أسعار الفائدة وخفض الميزانية العمومية.

وذكر المحضر أن القيام بذلك من شأنه أن يؤهل الاحتياطي الفدرالي ليكون «في وضع جيد في وقت لاحق من هذا العام» لإعادة تقييم تأثير السياسة النقدية على التضخم.

وأكد المحضر أيضاً زيادة سعر الفائدة مرتين إضافيتين بمقدار 50 نقطة أساس في يونيو ويوليو، حيث اقترح صناع السياسة أخذ مهلة مؤقتة في وقت لاحق من العام الحالي.

وابتهجت الأسواق بعدم تبني المحضر نبرة أكثر تشدداً مع استمرار ارتفاع معدلات التضخم إلى أعلى مستوياتها في 40 عاماً.