مجتمعات النصف نصف *
![خولة مطر](https://www.aljarida.com/uploads/authors/982_1671286347.jpg)
يتنفس هو قبل الحضور الصعداء عندما يكسر أحدهم الصمت المغلف بكثير من الأسئلة، فيعيد النقاش أو الحوار إلى ما كان عليه من برودة شديدة، فالروتين لا يصيب الحياة فقط بل يتحول إلى روتين للأحاديث والكلمات التي هي جزء من «الموضة» أليست كلمة «تنمر» هي موضة هذه المرحلة أو «تمكين النساء» التي تأتي من أكثر الرجال والنساء قلة في الإيمان بدور النساء في كل المجتمعات؟ ألم تتساو المجتمعات في عدائها للمرأة ولولا القوانين والتشريعات التي دفعت كثير من النساء والرجال أيضا حياتهم ثمنا لها، لعاد البعض لوأد البنات أو على الأقل تمنى ذلك وهو يطيل المحاضرة عن الدور المهم للنساء في بناء مجتمعاتهن الصغيرة والكبيرة.أكثر تلك الشعارات إثارة هي «النساء نصف المجتمع» أو «الأم مدرسة» وغيرها التي تحفّظ للأطفال في المدارس في حين يتصرف المربون بشكل مغاير تماما، فلا النساء نصف المجتمع ولا ربعه عندما يأتي الوقت لاتخاذ القرارات الحاسمة على مستوى العائلة أو المجتمع أو الدولة أو العالم، ولا هي مدرسة بل هي تابعة أو هكذا يراد لها حتى تثبت نفسها كالبريء الذي يجرمونه حتى يثبت براءته!!مدهشه المجتمعات التي صرفت وتصرف الملايين بل المليارات من الدولارات واليورو والدنانير والدراهم والجنيهات على ما يسمى مشاريع لتعليم وتمكين وتعزيز دور النساء في المجتمعات، وما هي إلا أيام من بعد رحيل أو انتهاء المشروع حتى تعود الحال إلى ما كانت عليه، ألا ترون ما يحدث في أفغانستان التي صرفت الدول الأوروبية مبالغ طائلة لتعزيز دور المرأة الأفغانية التي تطلب طالبان منها اليوم أن تتنقب وهي تقرأ نشرة الأخبار، وألا تتعلم وغيرها من الردة التي تبدو مذهلة أو ربما تتطلب مراجعة هذه الدول المانحة لبرامجها وتعاملها مع ما يسمى منظمات المجتمع المدني المستقلة في مجتمعات تابعة بأكملها، فكيف يكون للجمعيات استقلالها بالله عليكم؟ كلها كليشيهات أو أنصاف مواقف أو حتى أنصاف حلول أو ترقيع للأوضاع حتى مسميات أو شعارات لأنها هي أيضا أصبحت مهنة يمارسها البعض بإتقان شديد، يقول لي ذاك الصديق مشكلة بعض اليساريين في مجتمعاتنا أنهم وأنهن ينظرن للعمل كأنه رسالة، وهو في الواقع ما هو إلا وظيفة عليهم أن يمتهنوها ويتقنوا امتهانها فقط، وأن يتركوا ما تعلموه من تأدية الدور في بناء المجتمعات الحرة التي يتساوى فيها البشر كمواطنين لا كعبيد أو رعاة. يذكرها الصديق أنه هو وقع في ذاك الخطأ نفسه، فماذا حصل معه؟ ها هو يأخذ إجازة دون مرتب ويبتعد عن الوظيفة والمدينة والناس لينعزل بعض الشيء ويعير حساباته مع نفسه أولا أو ربما مع مجتمع خاص وعام يحترف النفاق.يقول مظفر الذي لم تجف تربته بعد: «أيقتلك البرد؟أنا.. يقتلني نصف الدفءونصف الموقف أكثر.* ينشر بالتزامن مع «الشروق» المصرية.