الحوار الوطني بين الواقع والمنظور
![أ. د. فيصل الشريفي](https://www.aljarida.com/uploads/authors/93_1682431901.jpg)
الحال تنسحب على بقية الأحزاب والتيارات ذات الصبغة الدينية، ولتقريب الصورة أكثر تعال لنسمِّ أي حزب أو تيار أو حتى مكون اجتماعي لنرى حجم التناقض، وهل بإمكان الأفراد أو الجماعات التحرر من تلك القيود المذهبية والعرقية، ستكون الإجابة عن هذا التساؤل أسهل من الإجابة عن سؤال واحد زائد واحد، لكنها صعبة جدا كمعادلات الفيزياء التي تنتهي بكل الفرضيات الحسابية عند معظم مكونات المجتمع.هذه الحقائق لا بد من مراعاتها عند الدعوة للحوار الوطني ووضعها في الحسبان من خلال تقديم ورقة عمل يمكن الالتقاء والالتفاف عليها، وكذلك اختيار شخصيات لديها قبول شعبي لم تتلطخ ألسنتهم بالهمز واللمز في ضرب اللحمة الوطنية، وممن لم يصطفوا مع مكون على حساب مكون آخر من باب انصر أخاك ظالما أو مظلوما دون التمييز، بمعنى كيفية الانتصار للظالم والمظلوم. مشكلة الأحزاب والتيارات والمكونات الاجتماعية أنها ما زالت متقوقعة على نفسها لم تتمكن من لبس الرداء الوطني، فمتى ما تمكنت من ذلك فاعلم أن الالتقاء على المشروع الوطني لا الحوار الوطني ستفرض نفسها، ولن يكون بمقدور أحد الوقوف أمامها.اتهامي هذا لا يعني أني ضد قبول فكرة الأحزاب ولا التخلي عن الانتماء المذهبي والعرقي، ولكن الأمر يتعلق بكيفية تجاوز حدود التعصب إلى فضاء الوطن وإلى أصول العمل الحزبي المدني، فالوضع السياسي أصبح كلعبة الحية كلما صعدنا خطوة للأمام تراجعنا بعدها أكثر من خطوة، وأقول هذا رغم أن الكويت كانت وما زالت منبراً من منابر العزة، تملك إرثاً سياسياً لا يملك أحد في المنطقة ملئه أو حتى الاقتراب منه، ومع ذلك نقف كمجتمع مدني وأحزاب ونواب مجلس الأمة وحكومة منه موقف المتفرج.ذكرت في مقالي السابق أنه ليس من المهم من يتحرك أولا من أجل الإصلاح، فلعل الله يأتي بكل ما نحتاجه جميعا، كما ناجى النبي يعقوب ربه فردّ إليه بنيه وبصره معا، وقد تأخذ بعض نتائج الإصلاح بعض الوقت، إلا أن مواجهة الفاسدين لا تتطلب الكثير من الوقت، وذلك لوضوحهم وعلو رؤوسهم، والمعنى في بطن الشاعر.ودمتم سالمين.