العراق: مادة غامضة في قانون تجريم التطبيع تستثني الزيارات الدينية
منذ أن قصف الحرس الثوري الإيراني مدينة أربيل شمال العراق، بصواريخ باليستية في مارس الماضي، والحوار بين بغداد وطهران لم يتوصل إلى شيء حول اتهامات أطلقها الإيرانيون بوجود مركز لـ «الموساد» في إقليم كردستان.لكنّ هذا الجدل دفع مقتدى الصدر الذي يمتلك الأغلبية النيابية، الى طلب تشريع قانون يحظر بنحو مشدد، التطبيع مع إسرائيل. ورغم أن كثيرا من ساسة العراق ليسوا مع ذلك، فإنهم دعموا القرار لسد الذرائع الإيرانية التي ترددها الفصائل المسلحة في العراق على مدار الساعة، حيث يجري اتهام معارضي النفوذ الإيراني بأنهم يساعدون تل أبيب في مواجهتها مع «محور المقاومة»، وأبرز ضحايا ذلك المئات من نشطاء حراك تشرين الشعبي الذين تورطت بقتلهم جماعات مسلحة بتهمة التخريب المنسق مع «العدو الإسرائيلي».ورغم الانقسام النيابي، فقد أصدر البرلمان العراقي بالإجماع قانون حظر التطبيع، الذي زخر بأحكام الإعدام والسجن المؤبد، لكنّه استثنى من ذلك ما أسماه بـ «الزيارات الدينية»، حيث نصّ على أن أحكام المنع لا تشمل الزيارات الدينية، ويجب أن يجري تنظيم ذلك من قبل وزارة الداخلية.
وامتنع كثير من المشرعين الذين تحدثت اليهم «الجريدة» عن التعليق على هذه الفقرة المكتوبة بعبارة مقتضبة جدا، لكنّ الخبراء قالوا إن هذه العبارة تسمح لأول مرة بتنظيم الزيارات الدينية بين الأماكن المقدسة في العراق وفلسطين، والتي تحترمها الديانات الإبراهيمية الثلاث، الإسلام والمسيحية واليهودية، حيث يفترض ان يكون ذلك بتنظيم وترخيص مسبق من وزارة الداخلية في العراق. ولم تمرّ هذه المادة مرور الكرام، إذ شهدت مواقع التواصل، انتقادات لم تخلُ من السخرية، اعتبر بعضها ان السماح بتبادل الزيارات الدينية، أمر يرقى الى ما هو فوق اتفاقيات السلام أو اتصالات التطبيع.واستبعد رجال دين مسيحيون ومسلمون، حصول زيارات من هذا القبيل حاليا، ورجحوا أن تكون الفقرة متروكة لتطورات مستقبلية، وتلبي خصوصا طلب رجال دين مسيحيين عراقيين، بزيارة الأماكن المقدسة في فلسطين، أو طلبات رجال دين يهود من أصول عراقية، بزيارة أماكن مقدسة وآثار قديمة تعود لأسلافهم، او تتضمن وثائق روحية وتاريخية، ونسخا نادرة من التوراة محفوظة في العراق.ورجحت أوساط دينية مطّلعة أن للأمر علاقة بزيارة أجراها البابا فرنسيس، العام الماضي الى العراق استمرت أربعة أيام، زار خلالها كنائس بغداد ونينوى وأربيل، وبيت النبي إبراهيم في الناصرية. وتحدث البابا فرانسيس يومها بحضور ممثلين عن المسلمين والمسيحيين والصابئة، عن المشتركات بين الأديان الإبراهيمية، ووجود أضرحة لأنبياء العهد القديم في العراق، مثل النبي ذي الكفل في بابل، والنبي العزير في ميسان.وشهدت المفاوضات في اللجنة القانونية كذلك، نقاشا جديا حول فقرة تقيد حرية العراق في التعامل مع الشركات التي لديها تعاون مع إسرائيل، وقالت مصادر إن نواب الإطار التنسيقي الحليف لإيران، أرادوا توريط بغداد بمعاقبة وطرد كل الشركات التي لديها تعامل مع الاقتصاد الإسرائيلي، لكنّ نوابا من تحالف الأغلبية، نجحوا باللحظات الأخيرة في تعديل النصوص تلك، لأنهم اعتبروها معاقبة للعراق لا لإسرائيل، حيث ستؤدي الى حرمان بغداد من أهم الشركات العالمية.