فشلت محاولات وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمس، في إقناع قادة 10 دول جزرية في المحيط الهادئ بالتوقيع على المقترح الأمني والاقتصادي والسياسي واسع النطاق، بعد تحذيرات من أنه قد يدخل المنطقة الاستراتيجية في «محور بكين».

وبعد الاجتماع الثاني لوزراء خارجية الصين ودول جزر المحيط الهادئ في فيجي، قال رئيس وزراء فيجي فرانك باينيماراما: «كالعادة، نمنح الأولوية للتوافق»، مما يؤكد أن التوصل لاتفاق واسع بين دول المنطقة سيكون ضرورياً قبل التوقيع على أي «اتفاقيات إقليمية جديدة».

Ad

وخلال ظهوره إلى جانب وانغ، ندد باينيماراما بالأطراف المهتمة بـ«تسجيل نقاط سياسية» وهو أمر «لا يعني الأشخاص الذين تغرق مجتمعاتهم في البحار التي يرتفع منسوبها والذين خسروا وظائفهم في ظل الوباء أو من تأثرت عائلاتهم بارتفاع أسعار المواد الأساسية».

واعتبرت ولايات ميكرونيسيا، إحدى الجزر المدعوة للاجتماع، أن خطة العمل الصينية أظهرت نية بكين في السيطرة على المنطقة، وقالت إن مسودة العمل «تهدد الاستقرار الإقليمي»، وتزيد من مخاوف «حرب باردة» جديدة.

وفي وقت سابق، حذّر رئيس ولايات مايكرونيسيا المتحدة ديفيد بانويلو في رسالة إلى باقي قادة المنطقة، من أن الاتفاق المقترح «مخادع» و«يضمن نفوذاً صينياً في الحكم» و«سيطرة اقتصادية» على القطاعات الأهم.

رؤية التنمية

وبعد القمة، التي ضمت ساموا وتونغا وكيريباتي وبابوا غينيا الجديدة وفانواتو وجزر سليمان ونيوي وفانواتو، لم يتطرق وانغ أمس، مباشرة إلى وثيقة «رؤية التنمية المشتركة» التي تتضمن المقترح، لكنه قال إن الطرفين «سيواصلان المناقشات والمشاورات الجارية والمعمّقة للتوصل إلى توافق على التعاون، والصين ستنشر وثيقة بشأن موقفها الخاص» لتأكيد «مقترحات التعاون مع دول الهادئ الجزرية».

وبشأن النشاط الصيني في جزر المحيط الهادئ، رد وانغ يي، بأن بكين «تدعم الدول النامية في إفريقيا وآسيا ومنطقة البحر الكاريبي أيضاً»، مضيفاً: «لا تقلقوا، التنمية والازدهار المشتركان للصين مع جميع الدول النامية الأخرى، لا يعني سوى انسجام أكبر، وعدالة أكبر، وتقدم أكبر في العالم».

وإذ حض الأطراف القلقة من نوايا بكين على ألا تكون «متوترة جداً»، أعلن وانغ في المقابل أن الدول «اتفقت على 5 مجالات للتعاون، منها الانتعاش الاقتصادي بعد جائحة كورونا، ومراكز جديدة للزراعة ومواجهة الكوارث الطبيعية، لكنها لم تشمل أي اتفاق في الجانب الأمني، مشيراً إلى أن دول الهادئ الجزرية العشر اتفقت على مذكرات تفاهم بشأن مبادرة «الحزام والطريق» الصينية للبنى التحتية.

رسالة شي

وقبيل الاجتماع، بعث الرئيس شي جينبينغ رسالة مفادها بأن الصين ستكون «شقيقة جيّدة للمنطقة التي يربطها بها مصير مشترك»، معتبراً أن حماية السلام والاستقرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وتعزيز التنمية والازدهار مسؤولية مشتركة لجميع دول المنطقة.

وقال شي في رسالته: «إن الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ودول جزر المحيط الهادئ تتطور في السنوات الأخيرة باستمرار، على أساس الاحترام المتبادل والتنمية المشتركة، وقد حققت نتائج مثمرة».

وأشار الرئيس الصيني إلى أنه «التزم دائماً في تطوير العلاقات الودية مع الدول الجزرية في المحيط الهادئ، وفق مبدأ المساواة بين جميع الدول، بغض النظر عن حجمها، ودافعت عن العدالة والمنفعة المتبادلة والإخلاص والصداقة».

وأكد الرئيس الصيني أنه مستعد للعمل مع دول جزر المحيط الهادئ، وبناء الثقة للتغلب معا على التحديات والوصول إلى توافق من أجل التنمية المشتركة.

من جهته، قال الناطق باسم وزارة الخارجية، وانغ ونبين، إن الصين ودول جنوب المحيط الهادئ «صديقة وشريكة جيدة، في إطار احترام متبادل ومساواة ومنفعة متبادلة وتنمية مشتركة».

وتابع: «لا أتفق إطلاقاً مع الحجة القائلة بأن التعاون بين الصين ودول جزر جنوب المحيط الهادئ، سيثير حرباً باردة جديدة».

الاتفاق الأمني

ويزور وانغ سوفا عاصمة فيجي في إطار جولة مدتها عشرة أيام في منطقة جنوب المحيط الهادئ، التي تواجه مخاطر ارتفاع منسوب مياه البحار الناجم عن تغيّر المناخ، وتتنافس بكين مع واشنطن وحلفائها خصوصاً أستراليا على النفوذ فيها.

وقبيل الزيارة، اقترحت بكين اتفاقاً ينص على تدريب الصين أجهزة الشرطة المحلية ويتيح لها التدخل في الأمن الإلكتروني إضافة لتوسيع العلاقات السياسية وإجراء عمليات مسح بحري حساسة. كما يمنح الاتفاق بكين إمكانية أكبر للوصول إلى الموارد الطبيعية سواء البرية أو البحرية.

في المقابل، ستقدّم بكين مساعدات مالية بملايين الدولارات، وإمكانية إقامة اتفاق للتجارة الحرة بين الصين ودول المحيط الهادئ الجزرية، التي يمنحها الاتفاق كذلك إمكانية الوصول إلى السوق الشاسعة للقوة الاقتصادية الصينية التي تعد 1.4 مليار نسمة.

وقدّمت الصين، التي فاجأت واشنطن وكانبيرا الشهر الماضي بإبرامها اتفاقاً أمنياً واسع النطاق مع جزر سليمان، نفسها لدول جنوب الهادئ على أنها «دولة نامية كبرى» تقف إلى جانب الدول الصغيرة والمتوسطة.

وحذّرت القوى الغربية من الاتفاقيات إذ دعت الخارجية الأميركية دول الهادئ إلى الانتباه من الاتفاقيات الغامضة والمبهمة والتي تفتقد إلى الشفافية مع الصين.

وضمّت أستراليا صوتها إلى الولايات المتحدة في دعوة دول جنوب الهادئ للتصدي لمحاولات الصين توسيع نفوذها الأمني في المنطقة، وحذّرت وزيرة خارجيتها الجديدة بيني وونغ من «عواقب» اتفاقيات من هذا النوع.

هونغ كونغ

من جهة ثانية، أبلغ الرئيس الصيني أمس، رئيس السلطة التنفيذية المقبل في هونغ كونغ جون لي بثقه التامة فيه، مؤكداً أن حكومته الجديدة ستجلب معهاً مناخاً جديداً وتسطر فصلاً جديداً في التنمية.

وخلال زيارته الأولى لبكين منذ اختياره رئيساً تنفيذياً الشهر الجاري، تسلم لي من رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ خطاب تعيينه وهو الإجراء الرسمي الأخير قبل أن يؤدي اليمين الدستورية في الأول من يوليو المقبل.

وقال تشيانغ، إن الصين دعمت هونغ كونغ من خلال رفع مكانتها كمركز مالي وتجاري دولي، بالإضافة إلى كونها مركزاً للشحن، كما أكد على أن تطبيق مبدأ «دولة واحدة ونظامان»، هو الأساس لازدهار المدينة على المدى الطويل.

ولأول مرة منذ 33 عاماً، لن يتم إحياء أي قداس في ذكرى تيان انمين في هونغ كونغ، في دليل جديد على محو ذكرى قمع المتظاهرين المؤيدين للديموقراطية في بكين في 4 يونيو 1989، في الإقليم الصيني الذي كان يتمتع بحكم شبه ذاتي.