السؤال النيابي من النائب بدر الحميدي عن حالة طبيب مصري في مستشفى العدان يتقاضى راتباً بحدود 6000 دينار لم يكن سؤالاً نيابياً عادياً، يظهر حرص النائب على الرقابة لتبديد المال العام بنهج المحسوبيات في تعيين الوافدين عرباً أو غير عرب في الوظيفة العامة، بقدر ما كان سؤالاً استفزازياً، ربما يظهر قدراً غير قليل من روح الانطوائية على الذات الكويتية، مع نبرة تعال ونبذ للوافدين أياً كانوا، وفي أي عمل نادر أو شاق لا يقوم به أبناء البلد.

النائب بدر الحميدي أبدى، في وقت سابق، اعتراضه على علاج المرضى النفسيين الأجانب في المستشفيات الحكومية، واقترح إبعادهم بدلاً من تحمّل البلد تكلفة علاجهم، وكأنهم حشرات وجراثيم مضرة لصحة البلاد العقلية! ما هذا يا حضرة النائب؟ وهل ينقصنا اليوم مثل هذا الطرح بعد دعوات نواب عنصريين في السابق، ومعهم عدة كتل بشرية كويتية، جسّدت روح الكراهية المتعالية لغير الكويتيين، وهي تذكرنا بدعوة شخصية فنية لرمي وافدين من جنسية عربية في الصحراء أو البحر أثناء أزمة وباء كورونا...؟! قد تخجل تلك المواقف هتلر لو كان حياً.

Ad

جريدة "الراي" نشرت "سي في" (مؤهلات) هذا الطبيب، وهو الطبيب الوحيد في الأشعة التداخلية، التي تعد تخصصاً نادراً، ولا يتجاوز عدد الأطباء الكويتيين المتخصصين في هذا المجال خمسة أطباء، ومثل هذا العدد فقط كان لوزارة التربية في السابق مدرسون كويتيون بتخصص الفيزياء، وكان لزاماً عليها التعاقد مع وافدين، وأظهر تقرير "الراي" أن هذا الطبيب الاستشاري رفض عرضاً سابقاً لوزارة الصحة، لأنه يتقاضى أكثر من ذلك العرض القديم في الخارج، وهناك من يتقاضى أكثر منه في القطاعين الخاص والعام.

طبيعي هناك ثغرات مخزية لأشكال الفساد في تعيينات المرفق العام، تشمل الكويتيين وغير الكويتيين على السواء، وليس هذا بأمر جديد بدولة المحسوبيات، لكن أن يتم التركيز على وافدين بتخصصات نادرة أو يقومون بأعمال - ما أكثرها في ثقافة الريع الاتكالية - لا يقوم بها ابن البلد، فهذا أمر غير مقبول.

ستشهد الدولة، خلال الفترة القادمة القريبة، ارتفاعاً عالياً في تكلفة المعيشة بأكثر مما هي عليه الآن، وسنشهد تذمراً مبرراً شعبياً كبيراً لهذه الحال، كم نتمنى ألا يكون الوافد هو القربان الذي يقدم للتنفيس عن هذا السخط.

حسن العيسى