لم يكن المشهد في مجلس النواب اللبناني، أمس، مُرضياً للكثيرين ممن تفاءلوا بنتائج انتخابات مايو الماضي.

وكان انتخاب نبيه بري لولاية سابعة في رئاسة المجلس محسوماً، لعدم وجود أي مرشح غيره، مع أن فوزه كان ضعيفاً جداً، إذ جاء بصوت واحد فقط (65 صوتاً من 128)، مما يشير إلى حجم التراجع لدى الثنائي الشيعي.

Ad

لكن «حزب الله» وحلفاءه حققوا انتصاراً في معركة نائب الرئيس، التي خاضها مرشحان، إلياس بوصعب من «التيار الوطني الحرّ» بزعامة جبران باسيل، في مواجهة النائب غسان سكاف المستقل الذي لاقى دعماً من الحزب التقدمي الاشتراكي، وحزب القوات اللبنانية، وبعض المستقلين ونواب قوى المجتمع المدني والتغيير.

وكان فوز بوصعب هزيلاً أيضاً بحصوله على 65 صوتاً، في الدورة الثانية، في حين أنه كان قد حصل على 64 بالدورة الأولى؛ بعد تصويت ثلاثة من نواب الثورة بورقتين بيضاوين وورقة ملغاة.

وأظهرت الجلسة أن التوازنات التي تم الحديث عنها بعد صدور نتائج الانتخابات، التي أشارت إلى أن «حزب الله» وحلفاءه حصلوا على 61 مقعداً، مقابل 67 لكل خصوم الحزب بمن فيهم نواب مستقلون ونواب الثورة، لم تعد واقعية.

إذ نجح الحزب في إيصال بري وبوصعب وكذلك النائب آلان عون إلى أمانة السر بـ 65 صوتاً، ولا شك أن الحزب يريد أن ينسحب هذا «الاستفتاء» على ملفين أساسيين؛ الأول يتعلق بآلية تشكيل الحكومة من خلال محاولة استدراج نواب إلى جانبه وترغيبهم بمقاعد وزارية وحصص حكومية، مقابل تمرير الشخصية التي يريدها الحزب لرئاسة الحكومة وفرض آلية تشكيلها لتكون حكومة وحدة وطنية، بخلاف ما يريده معارضوه الذين ينقسمون إلى قسمين؛ قسم يريد حكومة أكثرية، وآخر يطالب بحكومة اختصاصيين مستقلين.

أما الملف الثاني، فهو الحصول على أكثرية في عدم مقاربة ملف سلاحه، وعدم تقدّم نواب باقتراح قانون يتعلق بضرورة نزع السلاح أو الذهاب إلى استراتيجية دفاعية، ففي هذا المجال يعتبر الحزب أنه قادر على تجميع أكثرية النواب إلى جانبه من خلال طرح مسألة عدم مقاربة ملف السلاح، والتفرّغ للملفات الاقتصادية والاجتماعية وللإصلاح ومواجهة الفساد.

لن تكون الأكثرية التي ترجمت في انتخاب هيئة مكتب المجلس نهائية أو أبدية، بل ستكون خاضعة للتغير في استحقاقات متعددة، أولها استحقاق تسمية رئيس الحكومة، وكيفية تشكيلها.

ولا يزال المجلس النيابي عائماً في الاتجاهات السياسية. كل الأرقام التي أفرزتها أوراق الاقتراع تظهر أن الأكثرية قابلة للتغير والتبدّل، ونائب واحد قادر على قلبها من دفة لأخرى.

وأهم ما تؤشر له هذه النتائج، أن البرلمان الجديد سيكون خاضعاً للكثير من معايير التعطيل والتشرذم.

● بيروت - منير الربيع