خطة دولية لفتح ممر لتصدير الحبوب والأغذية من أوكرانيا

100 يوم على الغزو... روسيا تسيطر على 20 % من أراضي كييف وهجومها الخاطف يتحول إلى حرب استنزاف

نشر في 02-06-2022 | 16:34
آخر تحديث 02-06-2022 | 16:34
امرأة مسنّة وابنها يزيلان بقايا منزلهما المحترق في قرية أندرييفكا (أ ف ب)
امرأة مسنّة وابنها يزيلان بقايا منزلهما المحترق في قرية أندرييفكا (أ ف ب)
تُبذل جهود دولية لفتح خطوط تصدير الحبوب من اوكرانيا للتخفيف من ازمة غذاء عالمية فيما تحول الهجوم الروسي على اوكرانيا الذي بدأ قبل 100 يوم الى حرب استنزاف.
تقود الأمم المتحدة مفاوضات متسارعة لإعادة فتح خطوط تصدير الحبوب وزيت دوار الشمس من أوكرانيا عبر موانيها على البحر الأسود، وفق ما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال.

وتقضي الخطة الجديدة بأن تتولى تركيا إزالة الألغام البحرية في ممر السفن، على أن تلتزم القوات البحرية الروسية بالسماح بالمرور الآمن للسفن التي تحمل المواد الغذائية من المواني المحاصرة.

وعلى الرغم من الموافقة المبدئية لموسكو وأنقرة على الخطة، فإن تفاصيلها المعقّدة تبقي مصيرها غير مؤكد.

وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، قد صرح بأن 85 سفينة مليئة بالحبوب محتجزة في ميناء أوديسا الأوكراني، فيما تحتوي الأهراءات القريبة من الميناء ما بين 20 و25 مليون طن من الحبوب.

يأتي ذلك فيما توقعت وكالة إس آند بي غلوبال، استمرار ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتناقص الإمدادات نتيجة للحرب الروسية - الأوكرانية حتى عام 2024.

وأوضحت الوكالة أن نقص الأسمدة وضوابط التصدير وتعطل التجارة العالمية وتصاعد تكاليف الوقود والنقل عوامل ستؤدي إلى زيادة الضغط على تكلفة السلع الأساسية. وأضافت S&P Global أن صدمة الإمدادات الغذائية سيكون لها آثار سلبية على بلدان الأسواق الناشئة، لا سيما البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في آسيا الوسطى والشرق الأوسط وإفريقيا، مما يؤثر على نمو الناتج المحلي الإجمالي والأداء المالي والاستقرار الاجتماعي لهذه الدول.

على صعيد متصل، أعلنت السفارة الأوكرانية في بيروت، أن روسيا أرسلت لحليفتها سورية ما يقدر بمئة ألف طن من القمح «مسروقة» من أوكرانيا منذ غزت البلاد، ووصفت السفارة تلك الشحنات بأنها «أنشطة إجرامية».

الى ذلك، وبعد فشل هجومهم الخاطف لإسقاط النظام في كييف، خفّضت القوات الروسية مستوى طموحاتها لتركيز جهودها على السيطرة على منطقة دونباس الأوكرانية، حيث باتت تدور حرب استنزاف بعد 100 يوم على اندلاع النزاع.

ويبدو أن «تكتيك المحدلة» الذي تعتمده موسكو لقضم أجزاء من دونباس تدريجيا، يؤتي ثمارها: فرغم المقاومة الأوكرانية، تسيطر القوات الروسية حاليًا على جزء من مدينة سيفيرودونيتسك الرئيسية.

وأقرّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن «الوضع في دونباس لا يزال صعبًا للغاية».

وأعلن، اليوم، أن القوات الروسية باتت تسيطر على نحو خُمس أراضي بلاده، بما في ذلك شبه جزيرة القرم والأراضي الخاضعة لسيطرة الانفصاليين الموالين لموسكو منذ عام 2014.

وقال في كلمة عبر الفيديو أمام النواب في لوكسمبورغ: «اليوم هناك نحو 20 بالمئة من أراضينا تحت سيطرة المحتلين».

ويأتي هذا التصريح بينما تعزز القوات الروسية قبضتها على منطقة دونباس شرقًا وتدفع باتجاه جعل المنطقة المركز الإداري لأوكرانيا بحكم الأمر الواقع.

ويقول الخبير في مركز تشاتام هاوس البريطاني ماتيو بوليغ: «رغم كل شيء تتقدم المحدلة بالطبع، لكن بصعوبة، هذا ليس اكتساحًا عسكريًا». ويضيف: «في الأسابيع المقبلة، ستضطر موسكو إلى الانتقال من حرب متحركة إلى حرب مواقع. فهي لا تجدد عتادها وقواتها منهكة. المواقع ستُجمّد قريبًا».

وبعد السيطرة على ميناء ماريوبول الاستراتيجي، سمح الأمر بربط روسيا بشبه جزيرة القرم، وسيكون تحقيق انتصار عسكري في دونباس أمرًا مُرحّبًا به بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أثار دخوله في حرب، صدمة الغرب.

ففي 24 فبراير، أطلقت موسكو أوسع هجوم عسكري في أوروبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

وفتحت 3 جبهات في الوقت نفسه، مما أدى إلى تشتت القوات الروسية: شمالًا باتجاه العاصمة كييف، في الشرق وفي الجنوب. وحُشد 160 ألف عنصر لهذه العملية، مما يرجّح ميزان القوى لمصلحة موسكو وإن قليلا، مع أكثر من جندي روسي في مقابل كل جندي أوكراني.

إلا أن العقيدة العسكرية توصي بأن يكون هناك 3 جنود في مقابل كل جندي مضاد، لشنّ هجوم.

وسرعان ما أثبتت «العملية العسكرية الخاصة» كما تُسمّيها موسكو، محدوديتها في مواجهة دفاع أوكراني لامركزي من جانب عناصر يتلقون تدريبات منذ سنوات من حلف شمال الأطلسي (ناتو).

وتحصل القوات الأوكرانية التي أساء المهاجم تقدير قوّتها، على أسلحة مضادة للدبابات والطائرات من الدول الغربية، وقد ألحقت أضرارًا جسيمة بالروس الذين اضطروا بعد شهر على إطلاق هجومهم، على تعديل أهدافهم.

مُذاك، قررت موسكو التركيز على حوض دونباس في الشرق. إلا أنه تم تخفيض مستوى هذا الطموح وتكثّفت الجهود لمعالجة الإخفاقات التي لوحظت.

وقال المتحدث باسم «البنتاغون» جون كيربي الجمعة الماضي، «رأينا الروس يواجهون بعض الصعوبات، خصوصًا على المستوى اللوجستي. دونباس قريبة من روسيا ومن خطوطهم للإمدادات العضوية».

وأوضح أنهم على مستوى التكتيك «يستخدمون وحدات أصغر ويقومون بتحركات أصغر، ويحاولون أن يكون لديهم تنسيق أفضل بين العمليات البرية والجوية».

حاليًا تقصف المدفعية الروسية بشكل متواصل المواقع الأوكرانية لإضعافها وقضم الأراضي. لكنّ ماتيو بوليغ يشير إلى أن «الأوكرانيين متجذرون بالميدان، في خنادق».

ويرى المؤرّخ العسكري الفرنسي ميشال غويا في مدوّنة بعنوان «مسار السيف»، أن «بعد نجاحات أوكرانية مفاجئة، في الواقع هي خطوات تستغل الثغرات الروسية، استعاد الروس زمام المبادرة. معركة دونباس أبعد ما تكون عن الانتهاء». ويتوقع أن تأخذ هذه الجبهة الشرقية «شكل معركة حاسمة ستمتصّ الجهود في الأسابيع المقبلة».

بدوره، قال القائد السابق في القوات الخاصة الفرنسية، الجنرال كريستوف غومار، إنه بالنسبة للكرملين «الهدف هو بلوغ الحدود الإدارية لدونباس». وأضاف أنه «ما إن يحصل ذلك، أعتقد أنهم سيأخذون استراحة تشغيلية حقيقية، لأن هناك جيشين يتواجهان منذ 3 أشهر وهما منهكان. لقد بدأ النزاع يتحوّل إلى حرب استنزاف».

back to top