بقايا خيال: من المتهم في إهمال ملف المزدوجين؟
قبل ثماني سنوات تقريباً، وتحديداً في يوليو 2014، نشرت جريدة «الشاهد» اليومية الكويتية خبراً مثيراً يعد بمنزلة القنبلة الموقوتة في قلب الأمن القومي لدولة الكويت، إذ تطرق الخبر إلى تعاون أمني كويتي- سعودي أثمر عن الكشف عن أسماء 432 ألف كويتي يحملون الجنسيتين السعودية والكويتية، أي ما يقارب الـ40% من إجمالي الكويتيين، وجاء في الخبر أنه سيتم استدعاؤهم لتخييرهم بين إحدى الجنسيتين من أجل الوقوف على رغبتهم في الانتماء إلى أي من الدولتين، وبمعنى آخر التعرف على الولاء الحقيقي لهذه الفئة المزدوجة، وبالتالي الحفاظ على الأمن القومي لكلا الدولتين وللأمن الإقليمي أيضاً بعد تزايد حدة العمليات الإرهابية في المنطقة، يبدو أن هذا العدد الضخم من المزدوجين لم يحرك ساكناً في جسد الجهات الأمنية الكويتية، ولم يدق ناقوس الخطر لخطورة هذه الفئة من المواطنين على الأمن القومي لكلا الدولتين، خصوصاً أن بعضهم يحمل اسمين مختلفين قد لا يستدل على هويته إلا من خلال البصمة، وفي الوقت نفسه فهم يرضعون «من ديدين» دون وجه حق، ورغم مرور كل هذه السنوات لم يتم اتخاذ أي قرار لزحزحة قضية المزدوجين من مخبئها القاتل حتى هذه اللحظة، إلا ما يثار في وسائل الإعلام، وأنا أتكلم هنا عن الجانب الكويتي فقط.ترى من المتهم أو المسؤول عن إهمال ملف المزدوجين؟ لو وضعت الحكومات الكويتية المتعاقبة هذا الملف نصب أعينها وضمن أولوياتها من أجل الحفاظ على الأمن القومي لبلادنا، لأجبرتهم على التخلي عن جنسيتهم الأصلية خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حصولهم على الجنسية الكويتية، وليس الانتظار لعقد من الزمن، ولو كان عندنا حكومة تعمل بموجب خريطة طريق لحصرت الفئة التي لم تلغ جنسيتها الأولى، ولألغت من فورها قرار منحها الجنسية الكويتية دون تردد، تخيل لو أن كل واحد من هؤلاء المزدوجين الـ400 ألف يتسلم راتباً شهرياً من بلده الثاني الكويت يبلغ مئة دينار فقط، تخيل مئة دينار فقط، فهذا يعني أنهم استنزفوا من ميزانية الدولة ما يعادل 40 مليون دينار شهرياً، أو 480 مليون دينار في السنة، أو خمسة مليارات خلال العقد المنصرم، فما بالك لو كان راتب غالبيتهم أكثر من ألف دينار شهرياً؟ وماذا عن الميزات الأخرى التي تمتعوا بها وكأنهم كويتيون حقيقيون، كالسكن الحكومي والقروض السكنية والتعليم والعلاج وغيرها من الخدمات المجانية؟
نحن نعرف أن من يحمل جنسيتين يضعف ولاؤه لواحدة من الدولتين اللتين يحمل جنسيتيهما، ولهذا لا أستبعد أن أحد أهم أسباب تردي مستوى التعليم والصحة والخدمات العامة عندنا في الكويت منذ أكثر من ثلاثين سنة يعود إلى انحدار وضعف الوازع الوطني لدى الكثير من المواطنين، ولهذا أتساءل: من المسؤول عن كل هذه المصائب؟ وهل للمزدوجين دور في هذا التراجع الكارثي في القطاعات السياسية والتعليمية والصحية والثقافية؟ وأنا هنا لا أتحدث عن مخرجات التعليم التي لا تتوافق مع متطلبات سوق العمل ولا عن البطالة التي يعانيها الخريجون ولا عن تكدس الموظفين والبطالة المقنعة التي أنهكت ميزانية الدولة، ولا عن الوظائف والمناصب الحساسة التي حصل عليها المزدوجون دون وجه حق، ودون أن نستشعر قيمة مضافة لتزايد عدد الكويتيين فجأة ودون سابق إنذار.