حديث عن الخصخصة
مثال الكويت كحال رجل ثري يكدس ثرواته في البنوك في حين هو يرتدي أسمالاً بالية وأبناء ما بين ناقد وناقم ويائس من صلاح حاله.من مساوئ القطاع الخاص أنه يخطط لمصالح شركاته دون اعتبار لحاجات المجتمع الملحة وأولوياته، أو شعبية سلعه لتكون في متناول القدرة الشرائية للطبقات الشعبية، يتحكم في أسعار الكهرباء والماء والدواء والمواصلات والاتصالات والبلدية وغيرها مما تمت خصخصته، بأسعار تتذبذب صعوداً بأعذار السوق الحرة والعرض والطلب، ويبقى المواطن خاضعاً لهامش الربح المتفاقم صعوداً.من المتوقع للخطة الإنمائية الاقتصادية فقده لدوره وتأثيره في الاقتصاد إن سلمنا قيادته إلى القطاع الخاص المرتبط أصلا بالدعوم الحكومية والقروض البنكية، مفتقراً الكفاءات المهنية ودراسات الجدوى الاقتصادية والإدارات المبدعة، وهو يخطط تبعاً لرؤاه واستراتيجيته التي قد لا تتوافق مع تطلعات خطط الدولة، وكأننا بذلك سلمناه مفاتيح الاقتصاد والميزانية دون رقابة ومحاسبة جادة، فالقطاع الخاص لا يمكنه أن يعوض خسائره إلا بزيادة أسعار سلعه وخدماته المحتكرة دون مراعاة للمصالح العامة، في حين يتحمل القطاع العام الخسائر في بعض وحداته الاقتصادية معولاً على أرباحه في الوحدات والمشاريع الاقتصادية الأخرى، فهو يتعامل مع الاقتصاد كوحدة متكاملة، في حين ترتبط شركات القطاع الخاص بأسهم البورصة صعوداً وهبوطاً.
الترشيد الاقتصادي للقطاع الخاص يضغط على العمال، فهم أول ضحايا الترشيد، مهددون بالتسريح من العمل لرفع نسبة الأرباح، وفرص العمل الجديدة الموعود بها المواطن تستجدى لمن يقبل بالأجر الأدنى وساعات العمل الإضافية بلا مقابل.لا توجد دولة في العالم سلمت مواردها الطبيعية للخصخصة إلا أفلست وتدهور اقتصادها وأملق شعبها، فالرأسماليون يقتنصون الأرباح بأسهل وأسرع الطرق، وهم منفلتون باسم «السوق الحرة» من الضوابط القانونية والقواعد الاقتصادية والبرامج الاجتماعية الهادفة لتأمين مصادر الدولة ومؤسساتها من الاستغلال والاحتكار.فيجب اعتبار القطاع الخاص سنداً للقطاع العام لا منافساً له، والدولة مهندس التنمية الشاملة والقطاع الخاص مدير تنفيدي، يوجَهْ ويُقيّم ويُحاسب دائماً من الحكومة، محققاً أهدافها الآنية والاستراتيجية دون تقصير أو تباطؤ.