الثبات على الحق والثقة بالنفس والفوز بالكرامة في هذا الزمان المشوّش والمليء بالتناقضات والمغريات شيء جميل ومدعاة للمفخرة، فالإنسان يولد على فطرة الله سبحانه وتعالى، ومن ثم يبدأ باكتساب كل شيء من أبويه وهو طفل، وعندما يكبر يتحول اكتسابه وتوسيع مداركه لمحيطه الجديد خارج أسرته من أصدقاء ومعارف، لذلك ربما تجد أحد الأطفال يتمتع بكل الصفات الحميدة والخصال الممدوحة، وينفذ كل ما هو مأمور به، ويبتعد عن كل ما هو منهي عنه، وعندما يكبر ويخرج إلى الشارع والأصدقاء تجده ينقلب رأساً على عقِب ويصبح سيئ الصفات ومذموم الخصال وكأنه شخصية أخرى غير التي عرِف بها.

نعم البيت والشارع مدرسة، فربما البيت يخرج للمجتمع طفلا محافظا وربما يخرج طفلا متمرداً وهذه القاعدة تنطبق على الشارع، فالأمر ليس قائما على الطفل إنما على من رباه وهو صغير وعلى من رافقه وهو كبير، ومن الصفات المكتسبة في البيت والشارع الصدق والكذب والأمانة والخيانة والكرم والبخل والثقة بالنفس والاعتزاز بالرأي والقول والتبعية والانصياع للآخر.

Ad

فى السابق كان لا يعرف سيئيو الخلق إلا القريب منهم والمختلط بهم لأن المجتمعات كانت مغلقة على بعضها، ولكن الآن وبعد أن أصبح العالم قريةً صغيرة وبعد ظهور الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي انكشف لنا المستور، وبدأنا نشاهد ونقرأ كل ما يكتبه وينشره هؤلاء المستخدمون تحت أسماء حقيقية أو مستعارة في هذه البرامج، وما يتناولونه من كذب ونفاق سياسي وتطبيل لذوي النفوذ مقابل مصالح دنيوية، مما جعل هذه الوسائل نافذة نرى من خلالها سقوط الأقنعة عن وجوه كل المتنكرين، ونعرف كل شخص على حقيقته التي يخفيها.

لذلك هناك أشخاص ترأف لحالهم عندما تراهم يتظاهرون أمام الأهل والأصدقاء والمعارف أنهم يحملون كل الصفات الحميدة والحسنة التي ترفع الرأس لكل من حولهم، في حين هم عكس ذلك في وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة أنهم عندما يراجعون أنفسهم على كل ما يقومون به من أعمال سيئة وما يمارسونه من أدوار يشمئز منها كل رجل حر شريف تمنوا لو عاد بهم الزمن كما كانوا أطفالاً على الفطرة.

فحمداً لله أن الكثيرين من الشرفاء من أبناء وطني ما زالوا أحراراً لم يغرقوا في مستنقع التواصل الاجتماعي، وما زالوا مضرب مثل لعزة النفس وكرامتها، ولم يصبحوا يوماً ما ذباباً إلكترونيا لكائن من كان، كما نشاهد ونرى في هذه الأيام.

خالد وهف المطيري