«عزومة مراكبية» على دعوة انتخابية
«عزومة مراكبية» مثلٌ شعبي دارج لدى الشعوب العربية، يقوله الصيادون في رحلاتهم البحرية، وبحسب إحدى المرويات يُقال المثل عندما يمخر جانب الصيادين قاربٌ آخر في البحر فيشرعون بالتلويح وإلقاء السلام حتى يبادر أحدهم هاتفاً، بدعوة الآخر للغداء وبصوت يكاد يعلو عباب البحر: «اتفضل اتغدى معانا!»، وما هي في طبيعة الحال إلا مجرد دعوة من باب المجاملة فقط، يصعب تحقيقها.وها قد بدأ هذا المثل للأسف يطبق على أرض الواقع لدينا في دعوة الحكومة للانتخابات البرلمانية، غير مبالين بتحقيق مبدأ العدالة والمساواة الذي نصّ عليه وكفله الدستور الكويتي، وفي هذا السياق نقف قليلاً عند مقولة أرسطو: «أسوأ شكل لعدم المساواة هو أن نحاول المساواة بين أشياء غير متساوية».نعم، هناك عدم تساوٍ وتحديداً في انتخابات مجلس الأمة، وهذا أمرٌ واقعي وملموس إذ تجاهلت الحكومة مبادئها «العادلة» عند دعوتها لاجراء انتخابات خلال السنوات الماضية، فما زالت هنالك شريحة كبيرة من المواطنين غير المسموح لهم بحق التصويت من الأساس، وكأن لسان الحال يقول: «تفضّل شارك معنا في العرس الديموقراطي»، والحقيقة عكس ذلك، فهذه الممارسة مختزلة لغيرهم وأقرب إلى حفل تنكري من كونها زفافا ديموقراطيا! وكيف للداعي للعرس أن يصرف نظره عن دعوة أبنائه لأنهم غير مقيدين في جداول الانتخابات؟
ووفقاً للمعلومات المعلنة من جمعية الشفافية الكويتية فإنه ومنذ عام 2006 وما بعد ذلك لم يتم تسجيل القيود الانتخابية لمناطق عدة شملت مدينة جابر الأحمد، وصباح الأحمد، وشمال غرب الصليبخات، وأبو فطيرة، وأبو الحصانية، والمسايل، والوفرة السكنية، وصباح الأحمد البحرية، والنهضة، وجنوب عبدالله مبارك، وغرب عبدالله المبارك، فقد تجاوز عدد المواطنين المستحقين لتسجيل قيدهم الانتخابي العشرة آلاف! هكذا تُسلب أبسط حقوقهم الدستورية مما يجعلنا نقف هذه المرة أمام علامات استفهام فرضتها هذه الجريمة الدستورية لدى عامة الشعب الكويتي، والتي تخدم مصالح من يرعاها لمآرب انتخابية على الأرجح، متناسين بذلك المفهوم الحقيقي لتحقيق العدالة والمساواة، ومنذ عصور مضت، أجمعت الأمم على اعتبار العدالة قاعدة اجتماعية أساسية لاستمرار حياة البشر مع بعضهم بعضا، أنها محورٌ أساسي في الأخلاق، وعبرها نجتاز طريقنا ونحقق طموحاتنا وآمالنا بما يسمو بأمّتنا.وفي الختام نستذكر المثل الروسي الشهير: «برفقة العدالة تجتاز العالم، وبرفقة الظلم لا تعبر عتبة بيتك».