إنذار مقلق تلقّاه المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، عبر تقرير يتضمن تحذيراً من أن اقتصاد الدولة سائر في اتجاه انهيار محقق، إذا لم تتمكن البلاد من تحسين علاقاتها مع الولايات المتحدة.

التقرير، الذي تسلّمه خامنئي، مساء الثلاثاء الماضي، حسبما علمت «الجريدة»، والذي أعدته اللجنة الاقتصادية في مكتبه وبها بعض كبار مستشاريه، يؤكد أن إيران تواجه سيناريو يشبه ما واجهه الاتحاد السوفياتي المنحل، يرجح أن يؤدي إلى التقسيم، وأن الضربة ستكون من الداخل لا من الخارج، وبالتالي فإن استراتيجية التعويل على روسيا أو الصين في مواجهة الغرب، والتي أعلنها خامنئي نفسه، سياسة غير منطقية، ولا تحل أزمة البلاد، بل تضاعفها.

Ad

وكشف مصدر رفيع المستوى بمكتب خامنئي، أن التقرير، الذي جاء بعنوان «مستقبل الوضع الاقتصادي للبلاد مع السياسات الاقتصادية الجديدة للحكومة»، لاحظ أن حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي تتخبط في المجال الاقتصادي، وليس لديها سياسة واضحة للمشاكل الاقتصادية التي تعانيها البلاد، وأنها تحاول سد بعض الثغرات فقط، فضلاً عن عجزها عن تحقيق الحد الأدنى من أي برنامج اقتصادي أو إصلاحي بسبب الفساد المستشري بالنظام الإداري.

وأضاف المصدر أن التقرير السري أوضح أن الحكومة ليس لديها فريق اقتصادي منسجم وخطة، فضلاً عن أن أقطابها يعملون بطريقة انفرادية، مما يؤدي في معظم الأحيان إلى تداخل وتضارب وتناقض بين القرارات الحكومية.

وأكد أن إحدى أكبر مشاكل الاقتصاد الإيراني، هي العقوبات الأميركية، وهذه مشكلة لها تأثير مزدوج؛ الأول يتمثل في العقوبات نفسها التي تحد من قدرات إيران، والآخر هو أن عدداً كبيراً من المتنفذين السياسيين والاقتصاديين والعسكريين باتوا يستفيدون بشكل كبير من هذه العقوبات، كما أن نظام الالتفاف على العقوبات تسبب في خلق مافيات ضخمة مرتبطة بشخصيات سياسية أو عسكرية أو حتى دينية باتت تسيطر على مجمل الاقتصاد.

وذكر أن التقرير أوصى بأن أي حل حقيقي يجب أن يبدأ من قرار حاسم باعتقال ومصادرة أموال جميع المنتفعين من العقوبات مع عائلاتهم وعدد كبير من المرتبطين بهم بشكل فجائي؛ لأن المافيات الاقتصادية باتت تشبه الاخطبوط، وقطع يد واحدة لها لن يؤدي إلا إلى نموها مجدداً بعد حين.

وأضاف أن مجموعات من الحرس الثوري تحولت إلى أقطاب اقتصادية بسبب نظام الالتفاف على العقوبات وتهريب النفط على أساس إعادة الأموال إلى إيران، لكن جزءاً كبيراً من هذه الأموال لا يعود إلى البلاد، بل يتحول إلى ممتلكات وأرصدة خاصة في الخارج.

ولفت إلى أن التقرير أُرفِقت به لائحة بأسماء عشرات من كبار ضباط الحرس الثوري، ومئات من كبار الموظفين الحكوميين، بعضهم مقرب من المرشد والحكومة، حصلوا هم وعائلاتهم على جنسيات وهويات أجنبية، واشتروا عقارات في دول أجنبية، حتى أن بعضهم نقلوا عائلاتهم خارج إيران بانتظار لحظة الانهيار الاقتصادي الحتمي.

وتابع أنه، بحسب اللائحة، حصل هؤلاء على هويات من كندا وأميركا ودول أوروبية وأستراليا وأميركا اللاتينية، وأقلهم شأناً حصل على هويات تركية مستخدمين قانون استثمار 250 ألف دولار أميركي في مجال العقارات للحصول عليها.

وأشار إلى أنه بين عامي 2010 و2022 بعد فرض العقوبات الدولية على إيران، تمكن هؤلاء من إخراج نحو ألفي مليار دولار من الأموال الحكومية والخاصة إلى الخارج.

وحذّر من ارتفاع قياسي للدولار ليصل قريباً إلى أكثر من 50 ألف تومان إيراني، بسبب تخبط المصرف المركزي ووزارة الاقتصاد في السياسات الاقتصادية والمالية والضغوط الكبيرة التي تُمارَس على التجار والقطاع الخاص، وعموم الناس؛ لتغطية العجز الحكومي، موضحاً أن سبب ارتفاع الدولار لا يعود إلى شح العملة الصعبة، خصوصاً بعد بيع كميات كبيرة من النفط بسعر مرتفع.

وأوضح أنه إذا تم الحصول على اتفاق في فيينا والإفراج عن كل الأرصدة الإيرانية المجمدة والمخبأة خارج البلاد، فإن إيران ستستطيع الحصول على نحو 200 مليار دولار من أموالها المحتجزة خارج البلاد كحد أقصى، ولكن بسبب عدم إمكانية إدارة هذه الأموال ووجود فساد مستشرٍ في النظام الإداري فإنه من المستبعد الاستفادة من هذه الأموال لحل المشاكل الاقتصادية.

وبيّن أن التقرير أعطى مثالاً بأن حكومة رئيسي حصلت على نحو 50 مليار دولار نقداً من الأموال، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، بعد الحرب الروسية - الأوكرانية، بسبب بيعها النفط الذي كان مخزناً على حاملات النفط الإيرانية في المحيطات، وبدلاً من أن تساهم هذه الأموال في تحسن الاقتصاد فإن الوضع ازداد سوءاً.

ولفت المصدر إلى أن أكثر من 50% من الأموال التي كانت طهران قد رصدتها لدعم حلفائها خارج البلاد اختفت تماماً، إذ خرجت بالفعل من الخزينة ولم تصل إلى الحلفاء.

أبرز أعضاء اللجنة الاقتصادية في مكتب المرشد الأعلى

• محمد جواد إيرواني، رئيس اللجنة، وقد شغل منصب وزير الاقتصاد عندما كان خامنئي رئيساً للجمهورية.

• محمد شريعتمداري، وكان وزيراً في حكومات أحمدي نجاد وروحاني.

• علي آقا محمدي، شغل منصب مساعد قائد «فيلق القدس» للشؤون الإدارية عندما كان أحمد وحيدي وزير الداخلية الحالي قائداً لـ «فيلق القدس».

• مهرداد بذرباش، ويشغل منصب رئيس ديوان المحاسبات.

• نظام الدين الموسوي، المدير العام السابق لوكالة أنباء فارس.

• محمد مخبر، نائب رئيس الجمهورية، ترك اللجنة بعد تسلمه المنصب.

• مسعود ميركاظمي ترك اللجنة أخيراً ليشغل منصب مساعد رئيس الجمهورية للإدارة والتخطيط.

• محمد فروزنده بهبهاني • غلامرضا سليماني • مصطفى سيد هاشمي • شاهين شايان آراني • محمود عسكري آزاد

• عارف نوروزي • كاوه اشتهاردي • حجت الله نيكي ملكي

• محمد رضا فرزين • عباس علي آبادي • محمد سعيدي كيا

• غلامحسين نوذري • برويز فتاح • محمود بهمني • مهدي غضنفري • جواد شكرخواه • محمد حسن مليحي.

● طهران - فرزاد قاسمي