روسيا تتراجع في دونباس... وتلجأ لتكتيكات «الحرب الأولى»

انتقاد أوكراني لاذع لفرنسا... وتنسيق عسكري يومي بين كييف وواشنطن

نشر في 05-06-2022
آخر تحديث 05-06-2022 | 00:04
المدعية العامة الأوكرانية تتحدّث مع السفيرة الأميركية بريجيت برينك قرب مبنى مدمر خلال زيارة لبوروديانكا (رويترز)
المدعية العامة الأوكرانية تتحدّث مع السفيرة الأميركية بريجيت برينك قرب مبنى مدمر خلال زيارة لبوروديانكا (رويترز)
بعد 100 يوم على اندلاع الحرب، أكدت أوكرانيا أنها أجبرت القوات الروسية على التراجع في سيفيرودونتسك، كبرى مدن دونباس، حيث تركّز موسكو هجومها، آملة السيطرة الكاملة على هذه المنطقة.
في محاولة لتقليل خسائرها والاستفادة من تلك القوة التي تمتلكها، يبدو أن موسكو تعتمد على «تكتيكات الحرب العالمية الأولى»، من خلال تكثيف قصفها في مدن إقليم دونباس شرق أوكرانيا بالمدفعية البعيدة، حيث تواجه القوات الروسية مقاومة شرسة من جانب القوات الأوكرانية، مع احتدام القتال من أجل السيطرة على سيفيرودونيتسك، كبرى مدن دونباس، حيث تركز موسكو هجومها على أمل السيطرة الكاملة على هذه المنطقة.

وبعد مئة يوم على اندلاع الحرب، أكدت أوكرانيا أنها أجبرت القوات الروسية على التراجع في سيفيرودونتسك، في حين أعلنت روسيا من جهتها أنها حققت بعض أهداف «العملية العسكرية الخاصة» التي أطلقتها من أجل «اجتثاث النازية» من أوكرانيا، وحماية سكانها الناطقين بالروسية.

لكنّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ردّ في تسجيل فيديو تم تصويره أمام مبنى الإدارة الرئاسية في كييف، أمس الأول، محاطا بعدد من مساعديه، بتأكيد أن «النصر سيكون حليفنا».

وبعد هزيمته أمام كييف، يركّز الجيش الروسي الآن جهوده في دونباس بشرق أوكرانيا، حيث يقصف بلا توقّف بعض المدن، بما في ذلك سيفيرودونتسك التي تشكّل محور معركة طاحنة منذ أسابيع.

وقالت الرئاسة الأوكرانية إن قتالا ضاريا كان يدور في وسط المدينة. وأوضحت أن «الغزاة الروس يواصلون قصف البنية التحتية المدنية والجيش الأوكراني في مناطق سيفيرودونتسك وبوريفسكي وليسيتشانسك».

لكنّ القوات الروسية ما زالت عاجزة عن السيطرة بالكامل على هذه المدينة، حسب كييف. وسيسمح الاستيلاء على هذه المدينة لهذه القوات بتأمين سيطرتها على حوض دونباس الغني بالمناجم، ويحتله جزئيا الانفصاليون الموالون لروسيا منذ 2014.

وأعلن حاكم منطقة لوغانسك، سيرغي غايداي، أن الجنود الروس أجبروا على التراجع. وقال «لم يستولوا عليها بالكامل. كنا نشهد وضعا صعبا بعد استيلائهم على نحو 70 بالمئة من المدينة، وتم صدهم الآن بنسبة 20 بالمئة»، رغم كثافة القصف.

«تكتيكات الحرب الأولى»

في غضون ذلك، أكدت صحيفة واشنطن بوست أن القوات الروسية تكثف قصفها في مدن شرق أوكرانيا بالمدفعية البعيدة لتقليل خسائرها. وأضافت أن الجيش الروسي أمطر طول الجبهة الشرقية باستخدام المدفعية الثقيلة.

وقالت الصحيفة الأميركية إنه «بعد فشله في محاولته الأولى للسيطرة على كييف والإطاحة بالحكومة الأوكرانية، أعاد الجيش الروسي تجميع صفوفه في المرحلة الثانية من الحرب، وأعادت موسكو توجيه كل ما تبقى من مدفعيتها إلى منطقة واحدة، إذ يأمل «الكرملين» في تحقيق هدفه المعلن الجديد المتمثل في الاستيلاء على جميع مناطق لوغانسك ودونيتسك الشرقية، والتي تشكّل منطقة دونباس».

وشهدت الحرب عددًا قليلاً نسبيًا من اشتباكات المشاة المباشرة أو معارك الدبابات بالدبابات. بدلا من ذلك، تركّز روسيا قوتها المدفعية الساحقة على مناطق صغيرة نسبيًا لشقّ طريقها إلى الأمام في طريق الدمار الهائل.

وقال مدير مشروع التهديدات الحرجة في معهد أميركان إنتربرايز، فريدريك كاجان: «لقد تبنوا هذه الطريقة، وهي إحدى تكتيكات الحرب العالمية الأولى بشكل أساسي، حيث تستخدم فيها المدفعية لمحو كل شيء أمامهم، ثم الزحف فوق الأنقاض».

ولفت إلى أن مواجهة مثل هذا القصف المدفعي أمر مخيف ومدمّر للجنود الأوكرانيين.

وعزا كاجان أسباب لجوء موسكو للمدفعية إلى أن القوات الروسية تعرّضت للدمار بسبب الخسائر وخيبة الأمل من المرحلة الأولى من الحرب، وأظهرت عدم قدرتها على القتال بنجاح بطريقة أخرى.

وقال إن الخسائر التي تكبدتها القوات الأوكرانية مروّعة، لكنها لن تجبر بالضرورة كييف على الاستسلام أو «خسارة» الحرب الأوسع.

ورداً على إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في حديث لعدد من الصحف الإقليمية نشر أمس، أنه يجب «عدم إذلال روسيا حتى نتمكن في اليوم الذي

يتوقف به القتال من إيجاد مخرج عبر القنوات الدبلوماسية»، قال وزير

الخارجية الأوكراني ديميترو كوليبا أن «الدعوات لتجنب إذلال ​روسيا​ لن

تؤدي إلا إلى إذلال ​فرنسا​ وكل دولة أخرى قد تطالب بذلك».

وقال ماكرون: «أكدت للرئيس فلاديمير بوتين أنه يرتكب خطأ تاريخيا بحق شعبه

وبحق نفسه وبحق التاريخ، وأعتقد أنه عزل نفسه... معرفة كيفية الخروج منها

طريق صعب»، كاشفا أن «المدة الإجمالية للمحادثات الهاتفية التي أجراها مع

بوتين خلال الأشهر الستة الماضية، لا تقل عن 100 ساعة».

سويسرا والحياد

وتماشيا مع مبدأ الحياد العسكري الذي تنتهجه، أكدت سويسرا حظر نقل معدّات حربية تصنّعها إلى أوكرانيا عبر دولة ثالثة.

وأعلنت الحكومة، في بيان، أن سويسرا تلقت طلبات من ألمانيا والدنمارك لإرسال معدات حربية إلى أوكرانيا.

ويتعلق طلب ألمانيا بإرسال نحو 12400 قطعة ذخيرة من عيار 35 ملم سويسرية الصنع للدبابات المضادة للطائرات من نوع «غيبار»، وكذلك دبابات «بيرانا 3» التي اشترتها في الأصل الدنمارك، والمتمركزة في ألمانيا منذ انسحابها من الخدمة.

أما طلب الدنمارك، فيتعلق بـ 22 دبابة «بيرانا 3» مصنعة في سويسرا.

التنسيق اليومي

في غضون ذلك، نقلت شبكة CNN الإخبارية، عن الجنرال ديفيد بالدوين، المسؤول في الحرس الوطني في ولاية كاليفورنيا، أن أعضاء الحرس الوطني والجيش الأميركي ينسّقون يوميا مع القوات المسلحة الأوكرانية على جميع المستويات.

وبحسب الشبكة: «أجرى بالدوين مكالمة فيديو مع كبار قادة الجيش الأوكراني مرة واحدة في الأسبوع، لكنّه يتبادل الرسائل النصية يوميا، ويتم إجراء مكالمات هاتفية فردية حول الوضع»، مضيفة أن «هذه المعلومات التي يتلقونها يوميا، يتم نقلها إلى هيئة الأركان المشتركة في البنتاغون والقيادة الأميركية بأوروبا».

إمدادات الحبوب

وإلى جانب الخوف من المعارك الحربية، يتصاعد القلق أيضا بشأن إمدادات الحبوب.

وفي هذا السياق، أعلن رئيس الاتحاد الإفريقي، الرئيس السنغالي ماكي سال، أنه خرج «مطمئنا» إثر لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد أن أعرب له عن مخاوفه حيال أثر الأزمة الغذائية الناجمة عن الهجوم الروسي في أوكرانيا، على إفريقيا.

وقال سال، في ختام هذا اللقاء في سوتشي بجنوب روسيا «نخرج من هنا مطمئنين جدا» مضيفا أنه وجد الرئيس الروسي «ملتزما ومدركا أن أزمة العقوبات تتسبب في مشاكل خطيرة للاقتصادات الضعيفة مثل اقتصادات إفريقيا».

وأضاف أن بوتين تطرّق الى عدة وسائل لتسهيل التصدير.

back to top