رغم حالة الشلل شبه التام، التي يعيشها مجلس الأمة على مستوى جلساته منذ يومه الأول، إلا أنه نشط شعبوياً، سواء من خلال بوابة اللجان البرلمانية، أو عبر الاقتراحات التي يتقدم بها النواب، وكذلك المطالبات غير المدروسة، والتي تلعب على وتر مغازلة الناخبين ودغدغة مشاعرهم، خاصة أن النائب يعلم علم اليقين أن مطالبته أو اقتراحه غير قابل للتنفيذ، في زمن كانت تعاني الميزانية العامة للدولة من أكبر عجز في تاريخها، لولا ارتفاع أسعار النفط، الذي جاء نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية.

الاقتراحات الشعبوية المقدمة بالمجلس الحالي كثيرة، وقد تحتاج إلى ميزانية استثنائية في حال تنفيذها، منها اقتراحات إسقاط القروض وزيادة بدل الإيجار الشهري للمواطن من 150 إلى 400 دينار، وزيادة المكافأة الاجتماعية للطلبة لتصل إلى 300 دينار شهرياً بدلاً من 200 دينار شهرياً، وزيادة العلاوات والبدلات الممنوحة للعاملين الكويتيين في الجهات غير الحكومية، وزيادة علاوة غلاء المعيشة بنسبة 100 في المئة، بحيث تصبح 240 ديناراً شهرياً بدلاً من 120 ديناراً، وزيادة علاوة الأولاد من 50 إلى 75 ديناراً عن كل ولد، مع زيادة عدد المستحقين للعلاوة من 7 إلى 10 أولاد.

Ad

ولم تتوقف المزايدات الشعبوية بل زادت، حيث شهد أمس على سبيل المثال الإعلان عن اقتراحات جديدة، فقد وافقت اللجنة المالية على رفع القرض الإسكاني لحديثي الزواج إلى 8 آلاف دينار، في حين أعلن النائب فارس العتيبي عن تقدمه باقتراح برغبة لزيادة العلاوة الدورية للموظفين بنسبة 100 في المئة.

وكما هو معلوم فإن الاقتراحات برغبة غير ملزمة للحكومة، حتى وإن وافق عليها المجلس، فلها الحق في تنفيذها أو رفضها مع ذكر الأسباب، حسبما تنص عليه اللائحة، وهو ما يجعل الكثير يتساءلون: ما جدوى تقديم أو إقرار هذه النوعية من الاقتراحات في ظل معرفة الموقف الحكومي الرافض لها على الإطلاق؟ هل لذر الرماد في العيون؟ أم جاءت بناء على دراسة فنية دقيقة، ومعروف كلفتها المالية ووسائل تغطيتها، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم تعلن اللجنة المختصة عندما توافق على هذه النوعية من الاقتراحات عن كلفتها المالية وآلية تمويلها؟

وتساهم الحكومة بشكل أو بآخر في رفع شهية النواب لتقديم مثل هذه النوعية من الاقتراحات، عبر تراجعها عن مواقفها، فالمجلس على موعد يوم 14 الجاري مع إقرار قانون توزيع أرباح التأمينات وزيادة معاش المتقاعدين، بعد أن تراجعت الحكومة عن شرطها برفع سن التقاعد مقابل تمرير القانون.

المعروف في كل مجلس أنه مع اقتراب كل انتخابات برلمانية يتسابق النواب على تقديم اقتراحات شعبوية تلعب على دغدغة المشاعر، لكن المجلس الحالي ومنذ يومه الأول تتوالى هذه النوعية من الاقتراحات بشكل غير مسبوق، وزادت درجة حرارتها في الآونة الأخيرة مع ارتفاع درجات الحرارة، في حين تجد ندرة في الاقتراحات الفنية التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل والدفع بعجلة التنمية، ليبقى السؤال: الاقتراحات الشعبوية تصب في مصلحة من النائب أم الشعب؟

محيي عامر