في محاولة على ما يبدو لوضع قواعد اشتباك جديدة، حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس، من أن موسكو ستستهدف «مواقع جديدة» إذا سلّم الغرب صواريخ بعيدة المدى إلى أوكرانيا، بعد ساعات على وقوع عدة انفجارات في كييف، تسبب بها قصف روسي، خارقاً بذلك هدوءاً نسبياً دام نحو 40 يوماً.وبعد أيام على إعلان الولايات المتحدة قرارها تسليم أوكرانيا قاذفات صواريخ متعددة بعيدة المدى يمكن أن تصيب أهدافاً على بعد نحو 80 كلم، قال بوتين، إنه في حال تم تسليم صواريخ إلى أوكرانيا «فسنستخلص النتائج المناسبة ونستخدم أسلحتنا لضرب مواقع لم نستهدفها وكانت خارج دائرة الاستهداف حتى الآن»، من دون أن يحدد الأهداف التي يتحدث عنها.
واعتبر بوتين في تصريحات للنسخة العربية من موقع «روسيا اليوم» الممول من الحكومة الروسية أن «لا جديد» في الوقت الحاضر بالنسبة للأسلحة الأميركية المرسلة إلى كييف، مضيفاً أن القوات الجوية الروسية تتعامل بسهولة مع الأسلحة الأميركية الجديدة و«تكسّرها كحبات الجوز»، لافتا إلى أنها دمّرت العشرات منها حتى الآن. وتابع أن مدى الصواريخ «لا يتوقف على المنظومة نفسها، بل على الصواريخ المستخدمة، وما نسمعه ونفهمه اليوم، أن الأمر يتعلق بصواريخ يتراوح مداها بين 45 و70 كلم» في إشارة إلى صواريخ «هيمار» الأميركية. وكان بايدن قرر عدم إرسال النسخة الحديثة من هذه المنظومة القادرة على ضرب أهداف بشكل دقيق على بعد 300 كيلومتر. واعتبر بوتين أن عمليات تسليم الأسلحة إلى كييف «هدفها الوحيد إطالة النزاع المسلح بأكبر قدر ممكن».إلى ذلك، أشار إلى أن جميع الطائرات المسيّرة من دون طيار «درون» الأوكرانية التي تحلق منذ بدء العملية الروسية «إنتاج أجنبي».
قصف كييف
وفي هجمات تُعدّ الأولى من نوعها في كييف منذ 28 أبريل وأنهت الشعور بالهدوء، ضرب وابل من الصواريخ الروسية العاصمة الأوكرانية، في وقت مبكر صباح أمس، ليصيب بنية تحتية «لم يتم تحديدها» حسبما قال عمدة كييف فيتالي كليتشكو، بينما أعلن إيغور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية أن «صواريخ عالية الدقة بعيدة المدى أطلقتها القوات الجوية الروسية دمرت دبابات قدمتها دول أوروبا الشرقية وعربات مدرعة أخرى كانت في حظائر الطائرات على مشارف كييف».من ناحيته، وصف مستشار الرئيس الأوكراني ميخايلو بودولياك الهجمات بأنها «عمل إرهابي لم يكن لها سوى هدف واحد هو قتل أكبر عدد ممكن من الأوكرانيين»، وطالب بفرض المزيد من العقوبات ضد روسيا، إضافة إلى تزويد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة.وأعلنت القوات الجوية الأوكرانية ومسؤول محلي، أن قاذفات استراتيجية روسية من طراز «تو 95» أطلقت صواريخ على كييف من بحر قزوين وهزت الانفجارات منطقتين في شرق المدينة.من ناحيتها، أفادت شركة الطاقة النووية الحكومية الأوكرانية بأن صاروخ «كروز» روسياً حلق على مستوى «منخفض جداً» صباح أمس، فوق محطة طاقة نووية كبرى.وأضافت الشركة، التي تشغل محطة بيفدينوكراينسكا، التي تسمى أيضاً محطة جنوب أوكرانيا النووية، «من المحتمل أن يكون هذا هو الصاروخ الذي أطلق في اتجاه كييف».وتعد بيفدينوكراينسكا ثاني أكبر محطة نووية في أوكرانيا وتقع قرب منطقة ميكولايف على بعد 350 كيلومتراً جنوب كييف.وعلى الرغم من الهجمات الروسية المستمرة على أوكرانيا والدمار واسع النطاق، لم تشهد كييف هجمات في الأسابيع القليلة الماضية بعد أن حولت موسكو تركيزها العسكري إلى الشرق والجنوب.وعطلت صفارات الإنذار الحياة في العاصمة بصورة منتظمة، لكن لم تحدث ضربات كبيرة على المدينة منذ أسابيع.وفي أماكن أخرى، واصلت القوات الروسية توغلها في شرق أوكرانيا، مع إطلاقها الصواريخ والضربات الجوية على مدن وقرى منطقة لوغانسك، حسبما أفاد حاكم لوغانسك، سيرغي غايداي.كما اتهمت هيئة الأركان العامة الأوكرانية القوات الروسية باستخدام ذخائر الفوسفور في منطقة خاركيف، وقالت إن موسكو تواصل شنّ ضربات صاروخية وغارات جوية على البنية التحتية العسكرية والمدنية، بما في ذلك في كييف. وأضافت أن القوات الروسية «تفجر جسوراً حتى لا نتمكن من إرسال تعزيزات لعناصرنا في سيفيرودونيتسك».«قتال شوارع»
في جنوب البلاد وشرقها، ما زالت الحرب مستعرة أيضاً. ويجري «قتال شوارع» في سيفيرودونيتسك، المدينة الاستراتيجية في شرق أوكرانيا حيث تلقي موسكو بكل ثقلها العسكري للسيطرة على كامل منطقة دونباس. وفضلاً عن الخسائر البشرية، تسبب النزاع بأضرار واسعة لإرث أوكرانيا الثقافي. وأعلن مسؤولون أوكرانيون أن القصف الروسي أدى إلى احتراق دير أرثوذكسي خشبي شهير في شرق أوكرانيا.مناورات الناتو
في غضون ذلك، وصلت 40 سفينة حربية تابعة لبلدان حلف شمال الأطلسي «الناتو» إلى مياه العاصمة السويدية ستوكهولم للمشاركة في مناورات BALTOPS 22 التي انطلقت، أمس، في بحر البلطيق.وقال وزير الدفاع السويدي بيتر هولتكفيس، إن بلاده وفنلندا انضمتا أيضاً للمناورات.وأضاف أن ما يحدث في المنطقة يمكن تعريفه على أنه «حرب باردة جديدة أو ستار حديدي جديد»، معتبراً أن ما يحصل هو «صراع بين دول استبدادية وأوروبا الديموقراطية».وتابع أن «دول الناتو تبعث بإشارة بشأن أمن المنطقة من خلال السفن التي تم حشدها في ستوكهولم».وبين المشاركين في المناورات، تركيا وبلجيكا وبلغاريا والدنمارك وإستونيا وفرنسا وألمانيا ولاتفيا وليتوانيا وهولندا والنرويج وبولندا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.