حذرت إيران من أنها سترد إذا قررت القوى الغربية، الولايات المتحدة و«الترويكا الأوروبية»، المضي في إصدار «قرار لوم» ضدها، في اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي انطلق، أمس، في فيينا، وسط أجواء متوترة.

وعشية اجتماع مجلس المحافظين، غرد وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان، عبر «تويتر»، «إذا تم تبني قرار ضد إيران، فإن الدول التي صاغت القرار ستكون مسؤولة عن العواقب».

Ad

وفي الوقت الذي وصلت المفاوضات الدبلوماسية لإحياء الاتفاق النووي إلى طريق مسدود، ألقى عبداللهيان الكرة، مرة أخرى، في ملعب الغرب، مشيرا إلى أن «الاتفاق الجيد والقوي والدائم متاح إذا تعاملت الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث، بريطانيا وفرنسا وألمانيا، بواقعية».

وأوضح المسؤول الإيراني، ليل الأحد ـ الاثنين، أنه بحث مع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل كيفية المضي قدماً في محادثات فيينا النووية المتوقفة منذ مارس الماضي.

انتقاد ذري

في المقابل، أكد مدير وكالة الطاقة الذرية رافائيل غروسي أن عمل مفتشي الوكالة تأثر بشكل كبير في إيران خلال الأشهر الماضية منذ «قرار وقف طهران التزاماتها المتعلقة بالاتفاق النووي» المبرم عام 2015.

وقال غروسي، في كلمة افتتاحية أمام مجلس محافظي الوكالة بفيينا، إن الجمهورية الإسلامية «لم تقدم أجوبة شافية حول العثور على آثار يورانيوم في 3 أماكن سرية».

ورأى أن السلطات الإيرانية لم تتعاون وتوضح الغموض الذي لف تلك المواقع، متابعا: «على إيران التعاون من دون تأخير لحل المسائل العالقة، وإلا لن تكون الوكالة قادرة على منح ضمانات تؤكد أن برنامجها النووي سلمي حصرا».

وفي تصريحات منفصلة، أكد غروسي أن الوكالة لم تصل إلى النتائج المتوقعة مع السلطات الإيرانية، مضيفا: «علينا الاعتراف بذلك»، وأشار إلى أن توقف التعاون بين الوكالة وطهران ليس في مصلحة أحد.

لوم وعرقلة

في غضون ذلك، بدأ مجلس محافظي الوكالة الدولية، الذي يضم 35 دولة، بحث مشروع القرار الغربي الذي يوجه اللوم الى طهران. ويحض النص، الذي أعدته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، طهران على «التعاون الكامل» مع الوكالة الدولية. وإذا تبنته الدول الأعضاء الـ35 في الاجتماع الذي يمتد حتى الجمعة المقبلة فسيكون أول قرار حاسم منذ يونيو 2020، ويعد مؤشرا على نفاد صبر الغربيين تجاه حكومة الرئيس الإيراني الأصولي إبراهيم رئيسي.

يشار إلى أن الوكالة كانت نددت في أحدث تقرير لها الأسبوع الماضي بغياب «الردود والأجوبة الإيرانية الواضحة والمرضية» حول عثور مفتشي الوكالة على مواد نووية في ثلاثة مواقع غير معلنة بالبلاد، قبل سنوات، في حين توعدت إيران برد فوري على «أي تحرك سياسي» من جانب الغربيين، محذرة من أي مبادرة «غير بناءة»، وذلك في وقت تتعثر المحادثات لإحياء الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب عام 2018.

واعتبرت بكين وموسكو أن تصويتا كهذا خلال انعقاد مجلس محافظي الوكالة من شأنه «عرقلة عملية المفاوضات النووية» المتعثرة أصلا. وأمس الأول، توقع المبعوث الروسي إلى محادثات فيينا، ميخائيل أوليانوف، أن تواجه أجندة مجلس محافظي الوكالة الدولية لدراسة ملف إيران توترا، بسبب الخلافات بين الأطراف بعدة قضايا أخرى في مقدمتها الحرب الأوكرانية.

دعم سعودي

في هذه الأثناء، صرح المبعوث السعودي للمنظمات الدولية في فيينا عبدالله سلطان بأن المملكة «تدعم جميع الجهود الدولية الرامية لمنع استمرار التجاوزات النووية الإيرانية، ومماطلتها في عدم التعاون مع الوكالة لتوضيح القضايا المعلقة في المواقع غير المعلنة».

وقال سلطان إن الرياض ستناقش الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وسبل تعزيز التعاون بشأنها، ومحاولة إيجاد صيغ تفاهم تُفضي إلى تسوية بعض الإشكاليات الفنية في ظل الظروف الدولية الراهنة.

تحذير تايلند

في السياق، دعت الشرطة التايلندية عناصرها إلى توخي الحذر من «الجواسيس الإيرانيين» الذين قد يكونون موجودين بالبلاد، في ظل التهديدات الصادرة عن المسؤولين الإيرانيين بـ «الثأر» لاغتيال عناصر يعتقد أنها تابعة لـ «الموساد» الإسرائيلي القيادي البارز في «فيلق القدس» صياد خدائي.

وقالت الشرطة التايلندية، في بيان، إن أجهزتها الأمنية تراقب تحركات المواطنين الإيرانيين في البلاد وبعض المسلمين التايلنديين الذين ربما يتجسسون لمصلحة طهران. في موازاة ذلك، ذكرت «القناة 12» العبرية أن إسرائيل تدرس توسيع تحذيرات السفر إلى دول مختلفة قبل بدء الرحلات الصيفية، مشددة على أن المسؤولين الإسرائيليين يعتقدون أن إيران تعتبر السائحين الإسرائيليين أهدافا لشن هجمات انتقامية.

في الوقت نفسه، أفاد موقع «واي نت» الإخباري، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، بوفاة مشبوهة لخبير نووي آخر يدعى كامران ملابور في إيران. وبحسب المصدر، فقد توفي ملابور، الذي كان يعمل في منشأة نطنز النووية، الأسبوع الماضي. ووفقا للموقع نفسه فإن تزامن وفاة ملابور مع وفاة أمثال أيوب انتظاري في يزد، وعلي إسماعيل زاده في كرج تثير التساؤل عن هذه المصادفات.

وفي اليومين الماضيين، نشرت بعض قنوات تلغرام وحسابات «تويتر» صورة أفادت بأن ملابور من إيذه، جنوب غربي إيران، وحاصل على شهادة الدكتوراه النووية، وتم إبلاغ أسرته بأنه توفي بحادث في منشأة نطنز نهاية مايو الماضي. وكامران ملابور هو رابع شخص تم الإبلاغ عن قتله أو وفاته المشبوهة في الأسبوعين الماضيين.

من جهة ثانية، أعلنت إيران تأجيل زيارة وزير خارجيتها، التي كانت مقررة أمس إلى تركيا، لأسباب لم يتم الإفصاح عنها.