لبنان وإسرائيل يلجآن إلى الوسيط الأميركي في «أزمة كاريش»
تل أبيب تعتبر أي اعتداء على سفينة التنقيب إعلان حرب
باتت أزمة «حقل كاريش» بين لبنان وإسرائيل بيد واشنطن، بتفويض من لبنان وإسرائيل، في وقت أكد لبنان تمسّكه بالوساطة الأميركية التي يقوم بها مبعوث الولايات المتحدة لشؤون الطاقة، آموس هوكشتاين.ووفق مصادر رسمية، فإن تواصلاً لبنانياً حصل مع السفيرة الأميركية، دوروثي شيا، لإيصال دعوة إلى هوكشتاين لزيارة لبنان والوصول إلى حلّ بشأن ترسيم الحدود.في المقابل، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، لكتلته البرلمانية، بأن الخلاف مع لبنان بشأن احتياطيات الغاز الطبيعي البحرية مسألة مدنية ستُحل دبلوماسياً بوساطة أميركية.
ويحاول لبنان مواجهة الأمر الواقع الذي تحاول إسرائيل فرضه، إذ تسعى، عبر استقدام باخرة التنقيب، إلى جعل لبنان يخضع لشروطها وقبول العرض الذي قدمه هوكشتاين، وهو منح لبنان الخط 23 بدلاً من 29، أي مساحة تقارب 860 كلم مربعاً بدلاً من 2290 كلم يعتبرها لبنان من حقّه. غير أنه لا يمكن إجراء مقاربة داخلية محضة لكل هذه التطورات، خصوصاً أن لـ «حزب الله» قراراً ورأياً في هذا الصدد، وهو ما يرتبط بمسار الوضع الإقليمي، فالحزب من أبرز الرافضين لما عرضه هوكشتاين سابقاً، وأطلق أمينه العام، حسن نصرالله، موقفين قبل أسابيع، دعا فيهما الحكومة اللبنانية إلى استقدام شركات لبدء الحفر والتنقيب، وعدم الرهان على الوسيط الأميركي، لأنه لا يمكن الوثوق به.موقف «حزب الله» لا يمكن أن ينفصل عن تطورات الإقليم، خصوصاً في ظل الضغوط التي تتعرّض لها إيران، لاسيما من خلال انسداد آفاق مفاوضات فيينا، وبالتالي تعثّر الاتفاق النووي. ووفق ما تشير إليه مصادر متابعة، فإن إيران تحاول التفاوض مع الأميركيين على السماح لها بتصدير نفطها، بغض النظر عن التوصل إلى اتفاق نووي، وفي حال نجحت طهران في تمرير ذلك، فمن الممكن أن تسهّل الوصول إلى اتفاق. أما في حال عدم الوصول إلى حل يُرضي الإيرانيين، فقد يكون التصعيد هو الخيار الوحيد وقد تكون ساحته لبنان، ولا يمكن فصل هذا عن مسار تجميع القوى العربية والخليجية لعقد قمة الشهر المقبل، وسيكون أحد عناوينها الضغط على إيران، وكذلك مساعي ترتيب العلاقة السعودية - الأميركية، وصولاً إلى عقد لقاء مشترك، هذه التطورات كلها قد تؤدي إلى استفزاز الإيرانيين الذين سيلجأون إلى التصعيد في حال لم يتوصلوا إلى تفاهم مُرضٍ.وعلى وقع هذه التطورات، توالت المواقف اللبنانية المطالبة بالعمل على منع إسرائيل من بدء عمليات الحفر، وأجمعت قوى مختلفة على المطالبة بضرورة تعديل المرسوم 6433 لدى الأمم المتحدة، واعتبار أن حق لبنان يصل إلى مساحة 2290 كلم، وبذلك تصبح الشركة المنقّبة مضطرة للتوقف عن العمليات، بانتظار بتّ النزاع، وفي المقابل، رفعت إسرائيل سقف التهديد، معتبرة أن أي اعتداء قد تتعرض له باخرة الحفر سيكون بمنزلة إعلان حرب، كما نشرت «القبة الحديدية البحرية» على الساحل الجنوبي.ويتابع لبنان التواصل مع الأميركيين، لإعادة تفعيل المفاوضات، لكن هناك مخاطر متعددة، إذ ثمة مَن يعتبر أن هدف ما يجري هو دفع البلاد إلى خيارات معينة تؤدي إلى إحراج الدولة اللبنانية، خصوصاً أن المزايدة في سبيل تعديل المرسوم 6433، واعتبار الخط 29 خط الحدود اللبنانية، يعنيان تبنّي وجهة نظر حزب الله سياسياً في هذا الملف. أما في حال عدم النجاح في ذلك، والخضوع للشروط الأميركية، فسيُظهر لبنان كأنه تراجع عن حقوقه، لكن في حال بدأت الباخرة الحفر في مكان ما داخل الخط 29، فسيعمل الحزب على الردّ، وبالتالي دخول مرحلة جديدة من المواجهة العسكرية.