فيزياء النص كُم
فرضية الأكوان المتوازية أو العوالم التي أعلنها هيو إيفريت في خمسينيات القرن الماضي تنص على وجود أكوان موازية مدمجة مع بعضها في حيز واحد، بحيث يعيش فيها في الوقت نفسه شخصيات متشابهة شكلا لكنها مختلفة في مسار الحياة، وقد اختبرت كثيراً وقتلت بحثاً عبر فيزياء الكم، ولكن دون جدوى، ولكن بشراكم يا علماء العالم اليوم فقد توافر لكم مختبر تجربة لا نظير له، تستطيعون فيه إثبات بصمات نظرياتكم متلبسة بالتعدد المشهود مع سبق الإصرار والترصد، وهذا المختبر بلا فخر هو بلادنا لا سواها.هلموا يا معشر العلماء فهنا ستعرفون معنى العوالم المتعددة، فعندنا ترون مسؤولا في كون ما يعد بعدم مسّ دخل المواطن البسيط في حين المسؤول ذاته بشحمه ولحمه في كون آخر تصب كل قراراته في مسّ دخل المواطن البسيط بالجنون، وسترون سياسيا يرعد ويزبد على المنابر والمنصات في موقف أو قضية ضد شخصية ما، وهو ذاته في كون آخر تحمرّ وجنتاه من الحياء، ويتوارى خجلاً عندما تمر عليه القضية نفسها والموقف ذاته ولكن لشخصية أخرى، وسترون رأسماليا يأتي الميزانية عشاء يبكي على الهدر متهما ذئب راتب المواطن بدم عجزها، وهو الرأسمالي ذاته الذي رمى كل تنمية وفائض في بئر مصالحه قبلاً. وسترون ليبراليا تفيض عيناه من دمع الحريات والدساتير عندما يمر لأوربا ذكر طارئ والليبرالي ذاته لا أحد سواه يعض أصابع الغيظ على حريات بسيطة وحقوق إخوة له في المواطنة والهوية، وسترون شيوخ دين يحدثونكم عن الزهد والدنيا الفانية، وهم في عالم آخر زاهدون بكل دفاع عن مظلمة فرد أو جماعة حتى لو بحرف فان، وسترون مغرداً يبكي في مواقع التواصل على دم بعوضة أصابت ثوب قبيلته وطائفته وفئته في حين شخصيته الأخرى في عالم الانتخابات هي من رقصت فرحا على دماء دستور أهدرت مع كل تصويت له في صناديق الانتخابات أو عبر دعم في مسيرة المحشوم الخالدة.
هلموا هنا يا أصحاب نظرية الأكوان المتعددة فكل (فيزياء الكُم) لن تنفعكم ولن تفيدكم بقدر ما ستنفعكم «فيزياء النص كُم» التي نعيشها ونكتوي بنارها وسط عوالمنا المتعددة.