في الصميم: ومن يحمي الكويت من أعداء الداخل؟
كثير من الإخوان يكررون على مسامعنا بأن صنائع المعروف هي التي حمى بها الله الكويت من الغزاة، وهو قول فيه من الصحة، ولكن لابد لنا ألا ننسى بأنها لم تمنع عنا خونة المستعربة، فصنائع المعروف لم تمنع الغزو العراقي للكويت بعد ما صنعته من معروف للعراق في حربه مع إيران، ولم تمنع بعض القادة العرب من قلب ظهر المجن على الكويت صاحبة صنائع المعروف لهم ولغيرهم، ولكن الله سخر تلك الصنائع لتحريرها من الغزوات والهجمات الخارجية.نعم أعمال الخير الكويتية حمى بها الله الكويت تاريخيا من أعداء الخارج، ولكن ماذا عن أعداء الداخل، فلا ننسى بأن الحديث الذي ذكر أن «صنائع المعروف تقي مصارع السوء»، يقابله في القرآن قوله تعالى: «وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً»، وعندها فلن تشفع لنا صنائع المعروف، وما لم يتدخل من بيده الأمر، فيضرب على يد أقلية الفسّاق والفساد والسّراق والمزورين والمرتشين ومن سيتسببون بدمارها من الداخل، فعندها من سينقذ الكويت منهم وقد تمكنوا من مفاصلها؟ الكويت ستكون في خطر من أعداء الداخل ما لم يكفّ أهلها عن الجدل في كل شيء، وما لم يتوقفوا عن وضع الرجل غير المناسب في المكان غير المناسب، فالجدل العقيم أضاع على الكويت عشرات السنين من فرص التطور والتنمية، وسوء الإدارة التي تسبب بها التزوير والواسطة، ومكّن المتردية والنطيحة من السيطرة على مفاصل الدولة، ولا فكاك منهم ما لم توضع خطة إحلال جدية وقاسية تستبدلهم بأصحاب الخبرة والشهادات الحقيقية، ذوي النزاهة والقوة المشهود لهم.
فكثرة الجدل والمماحكة بلا طائل ولا نتيجة رسّخ عند الكثيرين ثقافة الكذب والتلفيق وتزوير الحقائق، وأفرز نوعا قبيحا من السفهاء المتباهين بما جهلوا به، فالتاريخ شهد أمماً كثيرة سادت ثم بادت، بعد أن كثر فيها الجدل وقلّ فيها العمل، وأسندت أمورها إلى جهلائها، وما نراه الآن ما هو إلا بداية لأمر سيئ، وكأننا في بلد سادت فيه القبلية والطائفية والخاصة على الدولة. الآن وقد زاد الهرج والمرج، وساد الجدل على إعمال العقل، وعمّ الفساد فهل صنائع المعروف ستقي الكويت مصارع السوء وقد فسق مترفوها؟ وهل ستنفعها ساعتها دعواتنا ورجاؤنا؟ ومن سيفزع لها غير أهلها بعد أن أصبح الخطر يتهددها من الداخل؟هل ستحمينا صنائع المعروف من أعداء الداخل، إذا ما قضى الله أمراً كان مفعولا؟ وقد بادت أمم أفضل وأعظم وأعرق منا بعد أن سادت، ومنها أمم إسلامية، فأين هي الآن الدولة الأموية؟ وأين الدولة العباسية؟ وأين هي الآن بلاد الأندلس؟ وأين الدولة العثمانية؟ فهل من متعظ؟ وهل من معتبر؟