من صيد الخاطر: على الخبير سَقَطْت

فلا تُخـبر عن الأممِ المواضي فإنَّكَ قد سَقَطْتَ على الخبيروقول عبد الغفار الأخرس من العصر الأندلسي: فسل منه الغوامـض مشـكلاتٍ فإنَّك قد سَقَطْتَ على الخبيروقول البوصيري من العصر المملوكي: فإذَا سَقَطْتَ عَلَى الخَبير بِدَائها فَاصْـبِرْ لِمُرِّ دَوَائِـهِ وَتَـجَـلَّـدِ وهناك قصة سخيفة لكنها ذات مغزى لمن يدّعي العلم بشيء لا يعلمه، بطلها أحد الرواة العرب يقال له «سيفويه»، فقد كان في أحد المجالس، فسأل أحدهم عن معنى «الغسلين» في الآية (36) من سورة الأحقاف، «وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ»، فأشكل على الجميع ولم يجبه أحد، فرفع «سيفويه» رأسه قائلا، ومادحا نفسه: «على الخبير سَقَطْتَ»، وأنصت له الجميع منتظرين منه الإجابة الكافية، لكنه أكمل قائلا: بأنه قد سأل أحد شيوخ الحجاز قبل ستين عاما عن «غسلين» ولم يجبه، فانفجر بعض الموجودين ضحكًا عليه واستهزاء به. المغزى من هذه القصة أن هذا المثل يجب أن يقوله من يملك المعرفة كاملة حول أمر بعينه، وعندما يقوله فالمتوقع منه أن يتحف مستمعيه بإجابته الشافية الوافية، وهذا ما لم يفعله «سيفويه»، ولا غيره من سفهاء كثر يعيشون بيننا، ومع هذا يؤخذ رأيهم في شؤوننا، وهذه هي الطامة.ملحوظة: منقول من التراث بتصرف.