شدّد الرئيس الأميركي جو بايدن خلال قمة الأميركتين في لوس أنجلس، أمس الأول، على ضرورة الدفاع عن الديموقراطية والتعاون من أجل المزيد من الازدهار الاقتصادي، بينما يشهد اللقاء خلافات دبلوماسية عدة.

وخلال جلسة افتتاح القمة وعلى وقع أغانٍ ورسائل من أطفال حول العجائب الطبيعية لدول أميركا اللاتينية، أكد بايدن أن الديموقراطية هي «المكوّن الأساسي لمستقبل الأميركتين»، وقال إن «منطقتنا كبيرة ومتنوعة. لا نتفق دائماً على كل شيء»، مشيراً إلى أن الدول الديموقراطية بإمكانها تجاوز الخلافات «بالاحترام المتبادل والحوار».

Ad

خطأ استراتيجي

وغاب رؤساء عدد من دول في أميركا اللاتينية عن القمة، بمن فيهم رئيس المكسيك مانويل لوبيز أوبرادور، ونظيره الغواتيمالي، ورئيسا بوليفيا وهندوراس. وانتقد لوبيز أوبرادور اليساري البيت الأبيض لعدم دعوته كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا إلى القمّة، لذلك قرر عدم المشاركة فيها. وبررت الولايات المتحدة قرارها بأنها لا يزال لديها «تحفّظات» بشأن «عدم توافر مجال للديموقراطية ولاحترام حقوق الإنسان» في الدول الثلاث. وقال وزير الخارجية المكسيكي مارسيلو إيبرارد، الذي شارك في القمة بالنيابة عنه، إن استبعاد هذه الدول الثلاث يشكّل «خطأ استراتيجياً»، مشيراً إلى أن المكسيك ستدرس كيفية إصلاح المؤسسات الإقليمية.

11 زيارة صينية

وتهدف قمة الأميركتين إلى توضيح رغبة إدارة بايدن في إحياء وتجديد العلاقة مع دول أميركا اللاتينية في وقت تستثمر الصين بكثافة في المنطقة. وقال مجلس العلاقات الخارجية (كاونسل أون فورين ريليشنز) إن أرقامه تدل على أن الرئيس الصيني شي جينبينغ قد زار أميركا اللاتينية 11 مرّة منذ توليه رئاسة بلاده في 2013. في المقابل، لم يزُر بايدن أميركا اللاتينية بعد منذ تسلّمه منصبه في يناير 2021.

ويسعى بايدن إلى استمالة دول المنطقة مجدداً، وأطلق برنامجاً لتدريب نصف مليون من أفراد الطواقم الطبية في الدول اللاتينية. وكانت الصين قد عزّزت حضورها في أميركا اللاتينية خلال الجائحة، وسارعت إلى توفير اللقاحات للمنطقة التي دائماً صدّرت إليها كوبا، العدو اللدود للولايات المتحدة، أطباءها.

لا تمويل

ويأمل بايدن ترسيخ العلاقات في منطقة لطالما اعتبرتها واشنطن ضمن نطاق نفوذها، إلا أن البروز السريع للصين بصفتها قوة استثمارية فيها يعقّد المهمة، علماً أن الإدارة الأميركية تركّز جهودها على تحقيق بعض التقدم بدلاً من تقديم اقتراحات جذرية. وأعلن إطلاق «شراكة الأميركتين للازدهار الاقتصادي» لتشجيع نمو أوسع في أميركا اللاتينية. وأضاف الرئيس الديموقراطي: «ما هو صحيح في الولايات المتحدة هو صحيح في كلّ بلد. الاقتصاد الانسيابي لا يعمل». وكان بايدن قد انتقد عدة مرات نظرية أن زيادة ثروات الأغنياء ستؤدي تلقائياً إلى إثراء جميع الفاعلين الاقتصاديين.

لكنّ واشنطن لا تنوي الرد على الصين بإعلانات مالية صارمة. وقال مستشار الأمن القومي للرئاسة الأميركية جيك سوليفان «لم تعتبر الولايات المتحدة أبداً أن امتيازاتها في العالم تقضي بجمعها مبالغ هائلة من المال العام». وأشار إلى أن الهدف الأميركي سيكون «الإفراج عن مبالغ كبيرة من التمويل الخاص».

الهجرة المنظمة

وتطرّق بايدن أيضاً إلى توقيع «إعلان لوس أنجلس» حول الهجرة المقرر اليوم، وهي قضية سياسية داخلية رئيسية بالنسبة للرئيس الأميركي. وتحدّث عن «مقاربة متكاملة» تهدف إلى «تقاسم المسؤولية» مع وصول العديد من المهاجرين إلى الحدود الجنوبية للولايات المتحدة. واعتبر أن المشاركين في القمّة سيقومون «بالتزام مشترك» لخلق «فرص للهجرة الآمنة والمنظمة» و»وقف الاتجار بالبشر». وأعلنت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس تخصيص 1.9 مليار دولار لدعم الوظائف في أميركا الوسطى على أمل خفض الهجرة.

حليف ترامب وخصم مادورو

وستكون القمة أيضاً فرصة لبايدن لإجراء محادثات ثنائية، وأكثر لقاء منتظر هو اجتماعه بنظيره البرازيلي اليميني المتطرف جايير بولسونارو، (أمس) لاسيما حول أهمية إجراء انتخابات حرة ونزيهة في البرازيل، أكبر دول أميركا اللاتينية من حيث عدد السكان. وأثار بولسونارو (حليف الرئيس السابق دونالد ترامب، ولذا يُطلق عليه لقب «ترامب البرازيل») شكوكاً دون أدلة حول نظام التصويت الإلكتروني في البرازيل.

وتحدث بايدن، أمس الأول، مع زعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو، الذي تعترف به واشنطن «رئيسا بالوكالة»، من دون دعوته إلى قمة الأميركتين التي استبعدت منها السلطة الفنزويلية أيضاً.

وقال البيت الأبيض إن بايدن جدد خلال الاتصال التأكيد لغوايدو على «اعتراف الولايات المتحدة ودعمها للجمعية الوطنية المنتخبة ديموقراطياً في 2015 ولغوايدو كرئيس مؤقت لفنزويلا».

كما جدد دعمه للمفاوضات الفنزويلية الداخلية ملوحاً بمراجعة سياسة العقوبات إذا «أظهر نظام الرئيس مادورو استعداده للتفاوض مع المعارضة على إطار جديد يسمح بمشاورة الفنزويليين عبر انتخابات».

وكان مادورو قد زار تركيا، وأعلن أنه ينوي التوجه إلى طهران. وفشلت محاولات إدارة بايدن بعد اندلاع حرب أوكرانيا للتفاوض مع مادورو، في إطار محاولاتها لخفض سعر النفط، في وقت يرزح القطاع النفطي الفنزويلي تحت العقوبات الأميركية.

«الأصليون»

من جهتهم، حضّ قادة الشعوب الأصلية للأمازون المسؤولين المشاركين في قمّة الأميركتين التي تستضيفها لوس أنجلس هذا الأسبوع على الإصغاء لنداءاتهم من أجل إنقاذ الغابة. ويشارك قادة شعوب أصلية من مناطق مختلفة من أميركا اللاتينية في القمة، لكنّهم يشيرون إلى عدم السماح لكثر من بينهم بالمشاركة في المحادثات المتعلقة بمستقبل أراضي شعوبهم.