قال تقرير «الشال» الاقتصادي الأسبوعي إنه في عالم السياسة، عندما يكون هناك فراغ سلطة، لا بدّ أن يتقدّم طرف ما لملء ذلك الفراغ، وعندما يتّسع ذلك الفراغ، يتقدّم أكثر من طرف لملئه، وعندما تصبح الساحة السياسية فارغة تماماً، تتحول الساحة إلى سوق حراج، الكل يزايد على أحقيته بمساحة من ذلك الفراغ الكبير.ذلك هو وضع الكويت الحالي، غياب شبه كامل لجلسات مشتركة بين جناحَي الإدارة العامة التنفيذي والتشريعي منذ تشكيل حكومة 14 ديسمبر 2020، وإن اجتمعا، ونادراً ما يفعلان، يفتح «حراج المالية العامة» لتقاضي قيمة التفضل بالقبول بحضور ذلك الاجتماع.
وبلغ عدد أيام تسيير البلد بحكومة تصريف العاجل من الأمور نحو 162 يوماً حتى 12 يونيو 2022، أو نحو 30 بالمئة من زمن الحكومات منذ تاريخ 14 ديسمبر 2020، وبلغ عدد أيام حكومة تصريف العاجل من الأمور الحالية 68 يوماً، وهي لم تجزم بأي من الأمور عندما كانت كل الأمور هي سلطتها.العالم يغلي من حولنا، والإقليم في مرحلة تحوّل جوهري، بعضها إيجابي وبعضها سلبي، والكويت كأنها إمّا غير معنيّة، أو محصنّة من التطورين، بينما واقع الحال تماماً غير ذلك، فهي غارقة في التطور السلبي. والسلطتان تستجديان استمرارها ببيع مستقبل البلد، فهما لا يعرفان وسيلة إنجاز، ويتصارعان في ساحات إنجاز هامشية، وشراء الوقت ببذل المالية العامة، بدأته الحكومة بقرارات شعبوية، وحصيلة اجتماع لجنة الشؤون المالية والاقتصادية الأسبوع الفائت، فيه كل ما يناقض الإصلاح المالي والاقتصادي، والإصلاح اختصاص اللجنة.الأولويات غائبة تماماً، والقرارات الشعبوية ليست حبّاً في الناس، فلن يدفع المسؤول فلساً واحداً من جيبه لتمويلها، وإنما هي خذ من جيب الناس وعايدهم، على حساب سلامة وأمان مستقبلهم، الفساد والهدر، وهما أولويتان قصويان، يتم تغطيتهما والتغاضي عنهما برشوة الناس، وبدلاً من المساءلة عن الخروق التي يستعملها كبار الفاسدين للتخلص من العقوبة والحفاظ على ما سرقوه، يشترون السكوت بإشراك الناس في العطايا والخطايا.التعليم العام متخلّف 4.7 سنوات وفقاً لبرنامج الحكومة، وزاد تخلّفه بعد جائحة كورونا، والجامعة الحكومية الوحيدة انحدرت إلى ما بعد مستوى الألف، وشهادات مزوّرة بالألوف، ذلك يعني تدميرا لرأس المال البشري، ولا أحد يهتّم. الخدمات الصحية معززة بخدمات سياحية في معظمها للعلاج بالخارج، يصرف على الشقين ما يكفي لإنشاء أفضل مستشفيات العالم، لتصبح الكويت وجهة للخدمات الصحية، وتظل خدمات متخلفة رغم ذلك، ولا أحد يهتم.البنى التحتية عمرها أقل من نصف العمر الافتراضي لمثيلاتها، وتكلفتها مضاعفة، وحصى الطرق يتطاير، ومبان ضخمة لخدمات عامة فيها نواقص كبيرة، وثاني أسوأ مطار في العالم، ولا أحد يهتم.ولعل الأهم هو خلل ميزان العمالة، أسعار النفط وإنتاجه حتماً إلى هبوط، و83 بالمئة من العمالة المواطنة عمالة حكومية أكثر من نصفها فائضة عن الحاجة، ورشوة الآباء سوف تتحول حتما إلى بطالة للأبناء، إضافة إلى العجز عن منحهم ضرورات الحياة الأخرى من تعليم وسكن وتطبيب... إلخ، ولا أحد يهتم.لسنا بصدد حصر النواقص، لكننا نورد أمثلة على قصور فاحش للإدارة العامة، والمؤلم أنه لا يبدو في الأفق مخرج، فأمد بداية الإصلاح مجرد بداية، لا يتطلب كل هذا الوقت، وألم الواقع لا ينتج سوى مزيد من فقدان الأمل، الكل كان يأمل في مشروع تنموي طموح، ولدى البلد تفوّق في الموارد وما يكفي من قدرات البشر لتحقيقه، لكن واقع بؤس الإدارة العامة هبط بذلك الطموح ليصبح مجرّد أمل متواضع بالحد من التدهور.
أخبار الأولى
«الشال»: 30% من حكومات المجلس الحالي... تصريف أعمال
12-06-2022