ضرورة استغلال رواج سوق النفط في تكوين احتياطي مالي للطوارئ
اقتصاد العالم يمر بحالة غير مسبوقة من مستوى عدم اليقين
أفاد تقرير «الشال» بأن اقتصاد العالم يمر بحالة غير مسبوقة في مستوى عدم اليقين، ربما أعلى من تلك التي سادت في عقدي سبعينيات وثمانينيات القرن الفائت، الفارق هو أن خزين الخبرة والمعرفة المتوفر لدى سلطات القرار بات كبيراً بما يخفض من المخاطر والتداعيات نتيجة نجاعة إجراءات العلاج، وذلك ما تحقق في عام 2008.ووفق التقرير، فإن حالة الارتفاع غير المسبوقة في مستوى عدم اليقين هي حصيلة استنزاف الموارد في علاجات أزمة عام 2008، وبعد أقل من 12 عاماً جاءت جائحة «كوفيد 19» وكانت بحجم الأزمة السابقة وسببت أضراراً أكبر، وبالكاد بدأت مؤشرات التعافي منها لتنفجر الحرب في أوكرانيا بمخاطر احتمالات انتشارها جيوسياسياً، وضغوطها التضخمية.في التفاصيل، يؤكد التصريح الصحافي للبنك الدولي، الصادر قبل ثلاثة أيام، تلك الحالة من خلال تغيير تنبؤاته لنمو الاقتصاد العالمي في الاتجاه النزولي وبهامش كبير، وخلال 5 شهور من نشر أرقام تقريره السابق في يناير 2022، فبينما كان أداء الاقتصاد العالمي في عام 2021 مؤشراً على بداية التعافي بنمو بنحو 5.7% بعد نمو سالب بنحو - 3.3% في عام 2020، يخفض البنك توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2022 من 4.1% في تقرير يناير الفائت إلى 2.9% في تصريحه الصحفي المذكور، أي أدنى بنحو 29%، ويتوقعها أيضاً هابطة وبنفس المستوى لعام 2023.
المبررات في تقريره هي التأثيرات السلبية للحرب الأوكرانية على النشاط الاقتصادي بشكل عام، وعلى الاستثمار والتجارة على الأمد القصير، وانسحاب السياسات التوسعية المالية والنقدية.ويعتقد البنك الدولي أن أكبر المتضررين هي الدول النامية، ويتوقع أن ينخفض فيها معدل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5% مقارنة بمستوى ما قبل الجائحة، ويعتقد أن دولاً عديدة سوف يصعب عليها اجتناب الركود، أي النمو السالب.وفي التقرير إشارة إلى أن حقبة سبعينيات وثمانينيات القرن الفائت، التي كابد فيها العالم حالة غير مسبوقة من تزامن الركود والتضخم، احتاجت من الاقتصادات الرئيسية رفع أسعار الفائدة إلى مستويات عالية، وأدت دوراً رئيسياً في تجاوز تلك الأزمة، ولعل البنك الدولي يوحي بأن ذلك ما سوف يحدث مستقبلاً.وأعرب التقرير عن الاعتقاد بأن حجم ديون العالم العامة والخاصة التي تعدت ثلاثة أضعاف حجم اقتصاده، وأسعار الأسهم في البورصات، التي ارتفعت إلى مستويات لا يبررها الأداء ولا المخاطر، والتهديد الذي تمثله زيادة أسعار الفائدة على كليهما، يجعل من توقعات البنك الدولي لمعدلات النمو الهابطة توقعات متفائلة.وفي الكويت، حيث تتأثر أوضاعها المالية والاقتصادية والسياسية بعاملين مهددين من ضعف نمو الاقتصاد العالمي ومخاطره القادمة، وهما النفط والاستثمارات الأجنبية، لابد أن تستغل الزمن القصير لرواج سوق النفط في تكوين احتياطي مالي للطوارئ؛ حتى لا تتكرر لديها أزمة حريق السيولة لعام 2020، وهي حتماً قادمة إن استمر مسار سياساتها على وضعه الحالي.