يتوقع الاقتصاديون في بنكي «باركليز» و«جيفريز إل إل سي» (Jefferies LLC) أن يرفع بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة بواقع 75 نقطة أساس في اجتماع يونيو الجاري، بينما يتوقع متداولون بنسبة 50% أن ينفذ الفدرالي هذه الخطوة في اجتماع يوليو المقبل.

وأدت بيانات التضخم الصادرة يوم الجمعة الماضي، التي فاقت التوقعات، إلى ارتفاع عوائد أذون الخزانة لتبلغ أعلى مستوياتها في عدّة سنوات، كما تسبّبت في تسطّح أو انعكاس منحنى عائد الآجال المختلفة لسندات الخزانة الأميركية.

Ad

وارتفع العائد على السندات لأجل 5 سنوات لتسجل أعلى مستوى منذ أكثر من عقد، متجاوزة نظيراتها من السندات لأجل 30 عاماً للمرة الأولى في شهر، مما يعطي مؤشراً لبعض المستثمرين بأن التشديد النقدي للبنك المركزي قد يؤدي إلى ركود اقتصادي، وفق ما ذكرته وكالة بلومبرغ.

وذكر الاقتصاديون في بنك «باركليز» بقيادة جوناثان ميلار في مذكرة بحثية أنه: «لدى الفدرالي الآن سبب وجيه لمفاجأة الأسواق ورفع الفائدة بقوة أكبر مما كان متوقَّعاً في يونيو، نحن ندرك أنَّ ذلك قد يكون قريباً، واحتمال أن يحدث في يونيو أو يوليو. لكنَّنا نغيّر توقُّعاتنا برفع الفائدة 75 نقطة أساس في 15 يونيو».

تأتي الزيادة في توقعات سعر الفائدة عقب الإعلان عن تقرير «وزارة العمل» الذي كشف عن تسارع وتيرة ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين ليسجل أعلى مستوى له في 40 عاماً، برغم تشكك مراقبي الاحتياطي الفدرالي في اتخاذ الرئيس جيروم باول تلك الخطوة.

وأفاد الخبيران الاقتصاديان في «جيفريز»، أنيتا ماركوسكا، وتوماس سيمونز، في مذكرة بحثية، أن بيانات التضخم يوم الجمعة «تغير قواعد اللعبة، وستجبر الاحتياطي الفدرالي على الإسراع بوتيرة التشديد النقدي».

من جانبه، قال كبير استراتيجي الأسواق في شركة أوربكس، عاصم منصور، إن «الفدرالي» الأميركي مستمر في تسريع وتيرة رفع الفائدة منذ عام 1994، وإذا كان «الفدرالي» سيرفع الفائدة بنصف نقطة مئوية أو ¾ نقطة مئوية خلال الاجتماع القادم، فإنه يتوقع استمرار رفع الفائدة بنصف نقطة مئوية خلال الاجتماعات القادمة لترتفع معدلات الفائدة أعلى من نسبة 2 في المئة.

وأضاف منصور في مقابلة مع «العربية»، اليوم، إن معدل التضخم الحالي يعادل 4 أضعاف مستهدف «الفدرالي» البالغ 2 في المئة، حيث تجاوز معدل التضخم 8 في المئة هو الأعلى منذ 1984.

وأوضح أن الوتيرة السريعة لرفع الفائدة سيكون لها آثار سلبية على أسواق الأسهم الأميركية.

وذكر أن قيام «الفدرالي» بتسريع وتيرة رفع الفائدة، يجعله يضحّي بأحد أمرين، معدلات النمو التي تتباطأ مع هذه الوتيرة، أو ترك معدلات التضخم لتسجيل مستويات مرتفعة، لكنّ التضخم الحالي لن تكون له آثار سلبية على الاقتصاد فقط، لكنه يلعب دوراً في الأجندة السياسية للإدارة الأميركية التي لن توافق على تآكل القوة الشرائية للمواطن الأميركي مع ارتفاع أسعار الوقود، وانتقاد الرئيس جو بايدن شركات الوقود واستغلالها ارتفاع أسعار النفط عالمياً في رفع سعر الوقود، وهناك فارق كبير بين أسعار النفط العالمية وأسعار الوقود.

وأضاف أن هناك ضغطاً على «الفدرالي» للتحرك سريعاً لاحتواء التضخم، ولا يتوقع نجاح «الفدرالي» في السيطرة على التضخم في وقت قريب، متابعاً: «سنشهد المزيد من الضغط على النمو الاقتصادي، وإذا شهدنا انكماش النمو الاقتصادي خلال الربع الثاني من العام الحالي، فسنكون أمام ركود تضخمي في النصف الثاني من العام الحالي».

وبشأن تأثر أسواق الأسهم الأميركية، قال منصور، إن هناك مقولة لمحافظ «الفدرالي» الأميركي السابق، عندما رد على تساؤل بشأن قيام «الفدرالي» بإنقاذ وول ستريت، قال إنه عندما يتم إنقاذ العامة يجب إنقاذ وول ستريت، ولذلك سيكون «الفدرالي» حذرا في تعديل السياسة النقدية، لكنه لن يتخلّى عن تسريع وتيرة رفع الفائدة، والرفع بواقع نصف نقطة مئوية سيؤدي إلى سحب شديد في السيولة قد يؤدي إلى تراجعات عنيفة من الأسواق، لكن لن نشهد انهيارات كبيرة، وقد نشهد تراجعات قوية في النصف الثاني من العام الحالي.

وقال منصور، إن «الفدرالي» سيركز أكثر على التضخم على حساب النمو الاقتصادي، ولا مفر من تشديد السياسة النقدية، وكان ذلك بسبب تأخر تعديل السياسة النقدية، واعترفت جانيت يلين، أخيراً، بأنها كانت مخطئة في تقديرات ارتفاعات التضخم الحالي.